للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيهات وإيضاحات:

أ- قد رأيت في الأحوال الثلاث التي يقع فيها مذ ومنذ حرفين.

١- أن المجرور وقت١.

٢- وأن هذا الوقت متصرف٢.


١ ما يسأل به عن الوقت كالوقت، بشرط أن يكون مما يستعمل ظرفًا، فتقول: مذ كم؟ ومنذ متى؟ ومنذ أي وقت؟ ولا تقول: منذ ما؛ لأن "ما" لا تكون ظرفًا. ا. هـ، صبان.
أي: فتقول مثلًا: "ا" منذ كم يومًا ركبت البحر؟ كما يجوز أن تقول: منذ كم ركبت البحر، بحذف التمييز للعلم به، وفي حالة ذكر التمييز هنا يجوز نصبه وجره بمن مضمرة، وقال في الهمع عند الكلام على وقوع الاسم مجرورًا بعدهما ما يلي: "والجمهور على أنهما حينئذ حرف جر، لإيصالهما الفعل إلى "كم" كما يوصل حرف الجر، تقول: منذ كم سرت، كما تقول: بكم اشتريت". ا. هـ.
وتقول: "٢" منذ متى نمت؟ "٣" منذ أي وقت طار أخوك؟
وتقول في الإجابة عن "١": ركبت منذ أو منذ ليلتين وعن "٢": نمت منذ أو مذ مساء اليوم الماضي وعن "٣": طار أخي منذ أو مذ طلوع الفجر، مثلًا.
ومعنى الإجابة الأولى: ركبت من ابتداء الليلتين إلى انتهائهما ومعنى الإجابة الثانية: نمت من مساء اليوم الماضي، بوضع "من" الابتدائية في مكان مذ أو منذ ومعنى الإجابة الثالثة: طار أخي منذ زمن طلوع الفجر، على تقدير "زمن" مضاف إلى المصدر، فمنذ أو مذ، بمعنى "من" الابتدائية هنا أيضًا، ويجوز في هذا المثال رفع "طلوع"، ويكون المعنى حينئذ: أول طيرانه وقت طلوع الفجر.
وقد جازت هذه الإجابات الثلاث في الإثبات؛ لأن العامل متطاول فيها جميعًا، وسيمر بك معنى "التطول" والتمثيل له.
٢ فلا تقول: ما رأيته منذ سحر، تريد سحر يوم بعينه، وقال ابن عقيل:. . . نحو: سحر إذا أردته من يوم بعينه، فإن لم ترده من يوم بعينه فهو متصرف، كقوله تعالى: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} . ا. هـ، فقال الخضري: "قوله نحو سحر": مثال لما لزم الظرفية قط فلا يخرج عنها أصلًا، إذا كان معينًا. واعتراضه "يقصد العلامة الصبان" بأنه متصرف، بدليل: "نجيناهم بسحر" فيه نظر ظاهر؛ لأن هذا غير معين، كما هو صريح الشرح، والكلام في المعين. ا. هـ.
وفي اللسان:. . . ولقيته سحرًا، بلا تنوين ولقيته بالسحر الأعلى "أي: في أعلى السحرين، وهما سحر مع الصبح وسحر قبله. ا. هـ، من الأساس". . . ولقيته سحر يا هذا، إذا أردت به سحر ليلتك لم تصرفه؛ لأنه معدول عن الألف واللام، وهو معرفة، وقد غلب عليه التعريف بغير إضافة ولا ألف ولام. . .
وإذا نكر "سحر" صرفته كما قال تعالى: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} أجراه، "أي: صرفه"؛ لأنه نكرة، كقولك: نجيناهم بليل، قال: فإذا ألقت العرب
منه الباء لم يجروه، فقالوا: فعلت هذا سحر يا فتى. . . وقال الزجاج، وهو قول سيبويه: سحر: إذا كان نكرة؛ يراد سحر من الأسحار، وانصرف، تقول. . . أتيت زيدًا سحرًا من الأسحار، فإذا أردت سحر يومك قلت: أتيته سحر يا هذا. . . وتقول: سر على فرسك سحر يا فتى. ا. هـ.
بقي "سحر" المنصرف"، فهل يجوز أن تقول: ما رأيته مذ أو منذ سحر؟ والجواب: لا؛ لأنهما لا يجران المبهم، كما مر بك.

<<  <  ج: ص:  >  >>