للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلمتي: "إطالة، ونفوس"، فالأولى هي الفاعل المعنوي لا النحوي، والأخرى هي المفعول به المعنوي كذلك.

ومثل: البدوي الصميم أحب للصحراء، وأبغض للخضر، وما أكرهه للاستقرار، ودوام الإقامة في مكان واحد١.

ومن هنا يتبين الفرق الدقيق بين: "إلى" التي تفيد التبيين، و"اللام" التي تفيده أيضًا٢، ويتركز في أن ما بعد "إلى" التبيينية "فاعل" في المعنى لا في اللفظ؛ وما قبلها مفعول به في المعنى كذلك، أما "اللام التبيينية" فبعكسها؛ فما بعدها مفعول به معنوي لا لفظي؛ وما قبلها فاعل معنوي كذلك، فإذا قلت: الوالد أحب إلى ابنه، كان الابن هو المحب، والوالد هو المحبوب، أي: أن الابن هو فاعل الحب معنى، والوالد هو الذي وقع عليه الحب؛ فهو بمنزلة المفعول به معنى، أما إذا قلت: الوالد أحب لابنه، فإن المعنى ينعكس؛ فيصير الابن هو المحبوب؛ فهو بمنزلة المفعول به معنى، والأب هو المحب، فهو بمنزلة الفاعل معنى، وقد سبق٢ القول بأن مثل هذا الأسلوب دقيق يتطلب يقظة في استعماله، وفهمه ٣.

١٦– أن تكون بمعنى: بعد٤، كقولهم: "كان الخليفة يقصد المسجد لأذان الفجر مباشرة، ويصلي الصبح بالناس إمامًا، ثم ينظر قضاياهم، ولا يغادر المسجد إلا للعصر، وقد فرغ من صلاته، ونظر شؤون رعيته"، أي: بعد أذان الفجر مباشرة، وبعد العصر، ومن هذا النوع ما كان يؤرخ به الأدباء وسائلهم؛ فيقولون: "كتبت هذه الرسالة لخمس خلون من "شوال"" يريدون: بعد خمس ليال مررن


١ فالمراد: يحب البدوي الصحراء، يبغض البدوي الحضر يكره البدوي الاستقرار.
٢ و ٢ راجع ما سبق في ص ٤٦٩، حيث الإيضاح والضابط الذي يبين الفاعل والمفعول به المعنويين.
٣ من أمثلة اللام التبيينية: سقيًا لك رعيًا لك تبًا للخائن ... وفي هذه الأمثلة وأشباهها تفصيلات لغوية دقيقة، لها آثار معنوية هامة تتصل باعتبارها جملة واحدة حينًا، وجملتين حينًا آخر، وقد وفيناها حقها من الإبانة، والإيضاح، وعرض أبقوم الطرائق لاستعمالها الصحيح في الجزء الأول ص ٣٨٠، م ٣٩ في قسم الزيادة والتفصيل الخاص بمواضع حذف المبتدأ، ولا مناص للباحث المستقصي من الرجوع إليها.
٤ بعد، من الظروف التي سبق الكلام عليها في باب: الظرف بهذا الجزء ص ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>