للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يريد مصدقًا ما معهم، التاركينه ... فكلمة: "فعال" صيغة مبالغة متعدية، تعمل عمل فعلها، ولكنها أضعف منه، فجاءت اللام لتقويتها.

وكذلك كلمة: "مصدقًا"، وكلمة "التاركين" وكلاهما اسم فاعل١ ...


١ هذا كلام كثير من النحاة، ويزيدون أن حرف الجر أصلي هنا؛ فهو مع مجروره متعلقان بالعامل الضعيف ...
وكلامهم مردود بما سردناه في رقم ٢ من هامش ص ١٨٤، وبما نسرده هنا: فما معنى التقوية إذا كان من الممكن الصحيح حذف هذه اللام، وتعدية الفعل أو المشتق إلى المفعول به مباشرة من غير حاجة إليها، ما دام العامل معدودًا في اللغة من العوامل المتعدية بنفسها؛ فتقول؛ {إن كنتم الرؤيا تعبرون – ربهم يرهبون – مصدقا لما معهم – فعال ما يريد} ... فيصل بنفسه الفعل أو المشتق إلى المفعول به بغير حاجة إلى هذه الواسطة؛ سواء أكان هذا العامل متقدمًا أم متأخرًا؟ وكيف تكون اللام للتقوية مع أن الاسم قبل مجيئها كان مفعولًا به منصوبًا، فلما جاءت جرته؛ فصار مفعولًا به في المعنى دون اللفظ، ولا شك أن العامل الذي يؤثر في مفعوله لفظًا ومعنى أقوى من العامل الذي يؤثر فيه معنى فقط ... ، وكان الأولى بالنحاة أن يقولوا: إن هذه اللام تزاد جوازًا في المفعول به إذا تقدم على عامله الفعل، كما تزاد في المفعول به إذا كان عامله وصفًا ينصب المفعول به متقدمًا أو متأخرًا، وأن الار والمجرور لا يتعلقان؛ لأن حرف الجر زائد، وأن المجرور لفظًا منصوب محلًا.
على أن الرأي الأقرب للسداد هو ما سجله "المبرد" في كتابه: "الكامل" "جـ ٣ ص ٣٦ الطبعة القديمة بمطبعة الفتوح"، ونصه عند شرح لقول أبي النجم الشاعر: "سبي الحماة وابهتى عليها" أن الأصل هو: "وابهتيها"، فوضع "ابهتي" في موضع: "اكذبي" فمن ثم وصلها بعلي، والذي يستعمل في صلة الفعل "اللام"؛ لأنها لام الإضافة؛ تقول: لزيد ضربت، ولعمرو أكرمت، والمعنى: عمرا أكرمت، وزيدًا ضربت، فإنما تقديره: إكرامي لعمرو، وضربي لزيد: فأجرى للفعل مجرى المصدر، وأحسن ما يكون ذلك إذا تقدم المفعول؛ لأن الفعل إنما يجيء وقد عملت اللام: كما قال الله عز وجل: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ} ، وإن أخر المفعول فعربي حسن، والقرآن محيط بكل اللغات الفصيحة، قال الله عز وجل: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} ، والنحويون يقولون في قوله تعالى: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ} إنما هو: ردفكم، وقال كثير عزة:
أريد لأنسى ذكرها، فكأنما ... تمثل لي ليلى بكل سبيل
ا. هـ، كلام المبرد في الكامل، وسيذكر البيت: "سبي الحماة ... " لمناسبة أخرى في هامش ص٥٤٠.
وشيء آخر: جاء في مجلة المجمع اللغوي بدمشق "جـ٤ ص١٨٢" بقلم الأب أنستاس الكرملي، العضو السابق بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، والعراق، وغيرهما، ما نصه: "زعموا أنه لا يقال: يمكن لأحدكم ... "، وعندي أنه يجوز. والنحاة تسمي هذه اللام: "اللام المعترضة بين الفعل المتعدي ومفعوله، وهي كثيرة الورود في كلامهم، وإن أنكرها المرحوم "إبراهيم البازجي". ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>