الآية الثانية: قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}(البقرة: ٢٧٥) في ضوء مبدئِهِم الذي يقولون فيه: بأن الجن لا تتسلط على الإنس مطلق ً ا، وأن أقصى شيء يفعلونَهُ هو الوسوسة. يقول الزمخشري: لا يقومون إذا بعثوا من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، أي: المصروع، وتخبط الشيطان من زعمات العرب، يزعمون أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع، والمس: الجنون، ورجل ممسوس وهو أيضًا من زعماتهم، وأن الجني يمسه فيختلط عقله.
وإنكار ذلك التسلط من المعتزلة مصادم للنصوص الشرعية الصحيحة، من ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا استجنح الليل فكفوا صبيان عن الشفا؛ إن الشياطين تنتشروا حينئذ؛ فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم)) الحديث في البخاري.
ثالثًا: في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}(النساء: ٩٣) في ضوء مبدأ المعتزلة عدم العفو على من لم يتب من ذنبه. يقول الزمخشري في هذه الآية: والعجب من قوم -يقصد أهل السنة- يقرءون هذه الآية، ويرون ما فيها، ويسمعون هذه الأحاديث العظيمة وقول ابن عباس: يمنع التوبة، ثم لا تدعهم أطماعهم الفارغة، واتباع هواهم، وما تخيل إليه منامهم أن يطمعوا في العفو عن قاتل المؤمن بغير توبة:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}(محمد: ٢٤) هذا التفسير من المعتزلة تفسير دخيل معارض لصريح القرآن الذي يقول في غير آية: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}(النساء: ٤٨).