يرى بعض الباحثين أنه من الممكن أن يتحدث المرشد مع المسترشد في موضوع جانبي لمدة حوالي خمس دقائق لتخفيض التوتر لدى المسترشد، إلا أن البعض الآخر يرى أنه من الأفضل الدخول إلى المشكلة مباشرة، حتى لا يشعر المسترشد أن المرشد لديه ارتباك، أو أن الوقت سيمضي دون الحديث عما جاء من أجله -ويقرر بوردن "١٩٦٨" Bordin في هذا الخصوص أن البداية المباشرة في المشغلة، أو المشكلة تعتبر طلبا من المسترشد أن يتحدث عن موضوع محدد بدقة، ويستطيع المرشد أن يحدد من أين يبدأ بناء على تقديره للموقف، فإذا وجه للطالب مثلا سؤالا بسيطا عن الدرس السابق، ومن الأستاذ الذي كان عندهم، فقد ينتقل إلى الدخول في موضوع الإرشاد مباشرة باستخدام إحدى العبارات السابقة.
بناء الألفة: Establishing Rapport:
أوضحنا من قبل أن أهم الأغراض التي نسعى إليها في المقابلة الأولى للإرشاد هو بناء الألفة بين المرشد والمسترشد، وعملية بناء الألفة لها تأثير كبير على مجرى العملية الإرشادية، وهي التي لها النصيب الأكبر في تحديد مدى استمرار العلاقة الإرشادية، وبناء الألفة عملية ذات صعوبة في بدايتها بصفة خاصة، فعلى الرغم من أن المرشد يحتاج إلى تكوين الألفة مع المسترشد في بداية كل جلسة إرشادية إلا أن هذه المهمة لا تكون صعبة كما هي في بداية المقابلة الأولى.
يورد بيتروفيسا وزملاؤه "١٩٧٨" الجوانب التالية للتدليل على أهمية بناء الألفة "ص٢١٥":
١- إن المرشد والمسترشد يدخلان في علاقة جديدة على كل منهما، ويتوقف على مدى قوة هذه العلاقة باقي العمل الإرشادي.
٢- يجب أن يهيئ المرشد نفسه من الناحية المهنية ليستجيب لأسلوب المسترشد في التعبير، والمرشد لا يدخل الجلسة بترتيب ونظام معين.
٣- في هذه الجلسة الأولى نتوقع أن يبدأ المسترشد في الإفصاح عن نفسه، ومن هنا تهمنا استجابات المرشد له.
٤- إن الأخطاء التي يقع فيها المرشد في فهمه للمسترشد سينتج عنها سرعة في انسحاب المسترشد من الإرشاد.
٥- في المعتاد أن يقرر المسترشد في الجلسة الأولى ما إذا كانت العلاقة الإرشادية هي الطريقة التي سيستخدمها في محاولة التغلب على مصاعبه.
إن المرشد يستفيد في هذه المقابلة من مهارات ملاحظة السلوك غير اللفظي للمسترشد على النحو الذي أوضحناه عند الحديث عن الاتصال، وكذلك من مهارات الإصغاء من جانب المرشد نفسه "الاستيضاح -إعادة الصياغة- عكس المشاعر -التلخيص"، أما أسلوب التساؤل، أو السبر Probing الذي يدخل في مهارات التصرف، فإنه يحسن بالمرشد أن يؤجله هو، وباقي أساليب التصرف مثل المواجهة، والتفسير حتى لا يشعر المسترشد أنه في موقف استجواب، أو مساءلة أو هجوم.
وفي بعض الأحيان -خاصة عند العمل مع المراهقين- فإن المسترشد يختبر المرشد بعرض موضوعات سطحية بعيدًا عن مشكلاته الواقعية، أو يتحدى المرشد، ولهذا ينصح بأن يكون المرشد مستعدا دائما، وقادرا على أن يؤجل أحكامه، ويبتعد عن التشخيص في هذه المقابلة.