للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اللفظ المشترك، وإذا أطلق من غير قرينة تخصصه كان مبهما غير مفهوم، وإذا أضيف إليه القرينة صار مختصا بشيء بعينه، والكناية أن تتكلم بشيء وتريد غيره، وذلك مخالفا للفظ المشترك إذا أضيف القرينة؛ لأنه يختص بشيء واحد لا يتعداه.

وكذلك لا يصح أن تكون الكناية في لفظ تجاذبه جانبا مجاز ومجاز؛ لأن المجاز لا بد له من حقيقة نقل عنها؛ لأنه فرع عليها.

وذلك اللفظ الدال على المجازين إما أن يكون للحقيقة شركة في الدلالة عليه أولا يكون لها شركة في الدلالة، فيكون اللفظ الواحد قد دل على ثلاثة أشياء: أحدها الحقيقة، وهذا مخالف لأصل لوضع، وإن لم يكن للحقيقة شركة في الدلالة كان ذلك مخالفا للوضع أيضا؛ لأن أصل الوضع أن تتكلم بشيء وأنت تريد غيره.

وإذا أخرجت الحقيقة عن أن يكون لها شركة في الدلالة لم يكن الذي تكلمت به دالا على ما تكلمت به، وهذا محال.

فتحقق حينئذ أن الكناية أن تتكلم بالحقيقة وأنت تريد المجاز١.

أقول: إنا ما عرفنا أن الحدود يبرهن عليها، ولا هي من باب الدعاوي التي تحتاج إلى الأدلة لأن من وضع لفظ الكناية لأمر من الأمور لا يحتاج إلى دليله،


١ المثل السائر: ٣/ ٥٢ ومنه نقلنا النص.

<<  <   >  >>