للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١٠٧- قال المصنف: والاستثناء المتقدم جار هذا المجرى، نحو قولك: ما قام إلا زيد أحد، وإنه يدل عل الاختصاص بخلاف قولك ما قام أحد إلا زيدا١.

أقول: لعمري إن قولك ما قام إلا زيدا أحد يدل على اختصاص زيد بالقيام، لا لأجل تقديمه على الفاعل، بل لأجل الاستثناء الذي يدل على إخراجه مما حكم به على غيره، فلولا اختصاصه بذلك لبطلت فائدة الاستثناء، ولكن هذا المعن مطرد في حالتي تقديم زيد وتأخيره؛ لأن الاستثناء يدل في كلا الموضعين دلالة واحدة على اختصاص زيد بالقيام دون غيره؛ لأنه لو قام غيره لكذب في قوله إلا زيدا.

ألا ترى أن من تحاول تكذيبه تقول له كذبت؛ لأن خالدا قد قام أيضا، فلا فرق في هذا الاختصاص بين تقديم المستثنى وتأخيره.

فإن كان هذا الرجل وحسه قد تفطن لاختصاص زائد على هذا المعنى عند تقديم المستثنى لا يؤخذ عند تأخيره، فهذا الرجل قد أدرك ما غفل عنه الأولون والآخرون، ورزق حسا وذوقا وقف بهما على ما لم يقف عليه غيره، ولا كلام لنا مع من هو بهذه الصفة، وإنما نتحدث مع أمثالنا وأشكالنا، وأما من تر في إلى طبقة أخرى فإن أمره يجل عن ذلك..


١ المثل السائر ٢/ ٢٢٦.

<<  <   >  >>