للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقول: إن هذا الذي ذكره شيء لا يعرفه أهل العربية، ولا أهل الفقه، ولا فرق عندهم في النفي المطلق بين قولهم لا ريب فيه ولا فيه ريب، إلا من جهة أخرى، وهي أنه يقبح الاختصار على قوله لا فيه ريب في القواعد النحوية، حتى يضم إليه شيء آخر، فيقول ولا شك مثلا أو نحو ذلك.

فأما ما يعود إلى نفي الريب فاللفظان يدلان عليه دلالة واحدة، ولعله ظن أن حرف النفي إذا شافه المنفي بغير واسطة كان أبلغ في النفي من أن يتخلل بينهما واسطة، ويجريه مجرى المؤثرات الحسية، فإن السيف إذا شافه الجسم بلا واسطة كان أبلغ في القطع من أن يتخلل بينهما ثوب أو درع، فيظن أن هذا مثل ذاك، وهذا وهم عامي لا يلتفت إليه محصل.

وما نعلم كيف وقع له أنه قال: لو أنه قال ليس فيه ريب لدل على أنه ليس كغيره من الكتب التي فيها ريب، وأنه لو قال: ليس في الدار عيب لدل على أنهاليست كغيرها من الدور المعيبة، وأنه إذا قال: ليس في خمر الجنة غول يدل على أنه ليس كخمور الدنيا التي فيها غول، فإنهليس في اللفظ تعرض لذلك لا بصريحه ولا فحواه، ولو جاز أن ينسب إلى الألفاظ دلالة لا تقتضيها لا بصريحها ولا فحواها لجاز أن ينسب إليها أمور، لا تتناهى، وذلك محال.

وقال سبحانه: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ} ١ وليس


١ سورة الطور: ٢٣.

<<  <   >  >>