للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عليه بتقديم الضمير أولا، ثم بصاحبه ثانيا، كأنه قال فإذا هم شاخصون دون غيرهم، ولولا أنه أراد هذين الأمرين المشار إليهما لقال فإذا أبصار الذين كفروا شاخصة، لأنه أخص بحذف الضمير من الكلام.

قال ومن هذا النوع قول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته" وتقدير الكلام هو الذي ماؤه طهور، وميتته حل؛ لأن الألف واللام ها هنا بمعنى الذي١.

أقول: لا يخلو إما أن يكون الضمير وهو هي في قوله تعالى "فإذا هي" ضمير الشأن والقصة أو ضمير الأبصار، وقد قدم بشرط التفسير، فإن كان ضمير الأبصار لم يكن قوله: {أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} مرفوعا بالابتداء، بل كان فاعلا؛ لأن "شاخصة" اسم فاعل معتمد على ما قبله، وهو "هي" الذي موضعه رفع بالابتداء، وقد تقدم أن اسم الفاعل إذا وقع خبرا لمبتدأ يرفع ما بعده على القول الصحيح، كما يرفعه الفعل الصريح، نحو قولهم زيد قائم أبوه، وقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} ٢ فعلى هذا التقدير بطل قولهم إن شاخصة خبر مقدم.

وإن كان هي في قوله تعالى: "فإذا هي" ضمير الشأن والقصة كان شاخصة خبرا مقدما كما ذكره، ويصير تقديره فإذا الشأن والأمر أبصار الذين كفروا


١ المثل السائر: ٢/ ٢٢٢.
٢ سورة النحل: ٦٩.

<<  <   >  >>