للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاستجيب لهم، ويكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله، أو حسنة تقدمت منه، جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكر الحسنة، أو صادف وقت إجابة، ونحو ذلك، فأجيبت دعوته، فيظن أن السر في ذلك الدعاء، فيأخذه مجردا عن تلك الأمور التي قارنته من ذلك الداعي، وهذا كما إذا استعمل رجل دواء نافعا في الوقت الذي ينبغي، فانتفع به، فظن آخر أن استعمال هذا الدواء بمجرده كاف في حصول المطلوب، وكان غالطا، وكذا قد يدعو باضطرار عند قبر، فيجاب، فيظن أن السر للقبر، ولم يدر أن السر للاضطرار وصدق اللجء (١) إلى الله تعالى، فالأدعية والتعوذات والرقى بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه، لا بحده فقط، فمتى كان السلاح سلاحا تاما والساعد قويا، والمحل قابلا، والمانع مفقودا: حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير، فإذا كان الدعاء في نفسه غير صالح، أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء، أو كان ثم مانع من الإجابة لم يحصل الأثر.

قوله: "ويملك كل شيء، ولا يملكه شيء، ولا غنى عن الله تعالى طرفة عين، ومن استغنى عن الله طرفة عين؛ فقد كفر وصار من أهل الحَيْن".

ش: كلام حق ظاهر لا خفاء فيه، والحين بالفتح: الهلاك.

قوله: "والله يغضب ويرضى، لا كأحد من الورى".

ش: قال تعالى: ﴿﴾ [المائدة: (١١٩)، والتوبة: (١٠٠)، والمجادلة: (٢٢)، والبينة: ٨]، ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: ١٨]، وقال تعالى: ﴿مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٦٠] ﴿وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ﴾ [النساء: ٩٣] ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٦١]، ونظائر ذلك كثيرة، ومذهب السلف وسائر الأئمة إثبات صفة الغضب، والرضى، والعداوة، والولاية، والحب، والبغض، ونحو ذلك من


(١) "اللجء" -بفتح اللام وسكون الجيم- مصدر، كاللجوء.

<<  <   >  >>