للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من جماعة اجتمعت إلا وفيهم ولي لله، لا هم يدرون به، ولا هو يدري بنفسه" (١)، فلا أصل له، وهو كلام باطل، فإن الجماعة قد يكونون كفارا، وقد يكونون فساقا يموتون على الفسق، وأما أولياء الله الكاملون فهم الموصوفون في قوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ [يونس: ٦٢ - ٦٤] الآية، والتقوى هي المذكورة في قوله تعالى: ﴿ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾، إلى قوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٧٧]، وهم قسمان: مقتصدون، ومقربون. فالمقتصدون: الذين يتقربون إلى الله بالفرائض من أعمال القلوب والجوارح. والسابقون: الذين يتقربون إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله : "يقول الله تعالى: من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما أفترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل، حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته" (٢). والولي: خلاف (٣) العدو، وهو مشتق من الولاء وهو الدنو والتقرب، فولي الله: هو من والى الله بموافقته محبوباته، والتقرب إليه بمرضاته، وهؤلاء كما قال الله تعالى فيهم: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: (٢)، ٣]. قال أبو ذر : لما نزلت الآية، قال النبي : "يا أبا ذر، لو عمل


(١) باطل لا أصل له كما قال المؤلف.
(٢) صحيح لإخراج البخاري إياه، وإسناده قوي لغيره، له طرق وشواهد عدة، خرجتها في "الأحاديث الصحيحة" "١٦٤٠" لكن لفظ المبارزة ليس عند البخاري، وإنما هو عند غيره من حديث أبي أمامة بسند فيه ضعيفان، كما بينته هناك.
(٣) في الأصل: من القرب.

<<  <   >  >>