للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ أطمعه [في] أن يكون ملكا بقوله: ﴿مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾ [الأعراف: ٢٠]. فدل أن أفضلية الملك أمر معلوم مستقر في الفطرة، يشهد لذلك قوله تعالى، حكاية عن النسوة اللاتي قطعن أيديهن عند رؤية يوسف وقلن: ﴿حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ [يوسف: ٣١]. وقال تعالى: ﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾ [الأنعام: ٥٠]. قال الأولون: إن هذا إنما كان لما هو مركوز في النفس: أن الملائكة خلق جميل عظيم، مقتدر على الأفعال الهائلة، خصوصا العرب، فإن الملائكة كانوا في نفوسهم من العظمة بحيث قالوا إن الملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.


= على ربهم، ولم يتبرموا بأحوالهم، وإنما سألوا ربهم، وهم عباد مطيعون، يرضون بما أمرهم الرب ، إذا لم يستجب دعاءهم، ومثال ذلك الآيات في خلق آدم في أول سورة البقرة: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ الآيات [البقرة: ٣٠ - ٣٣].
قلت: فلا نرى فيه ما ينهض على تصحيح الحديث، وإليك البيان بإيجاز:
١ - أما قوله في طريق الدارمي: "وهذا إسناد صحيح لا مغمز فيه وقد أشار الحافظ ابن كثير إلى صحته" ففيه نظر لأمرين:
الأول إننا لا نسلم بصحته مع وجود عبد الله بن صالح في طريقه، فإنه وإن كان البخاري أخرج له في "صحيحه" فهو متكلم فيه من قبل حفظه، ولا يتسع هذا التعليق للإفاضة في ذكر أقوال الأئمة فيه، فحسبنا ما ذكره الحافظ ابن حجر في ترجمته من "التقريب" وهو إنما يذكر فيه عادة خلاصة أقوال الأئمة فيمن يترجمه، قال: "صدوق، كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة".
الثاني: إننا لا نسلم أيضا أن ابن كثير أشار إلى صحة الحديث، ذلك لأن غاية ما قال فيه: "وهو واضح" وهذا القول لا يفيد تصحيحا مطلقا للحديث، بل تصحيحا نسبيا، وهو لا ينافي ضعفه كما في قول الترمذي في كثير من الأحاديث: "وهو أصح شيء في الباب" فهذا لا يؤخذ منه صحة الحديث كما هو مقرر في "المصطلح" فكذلك قول الحافظ ابن كثير هنا، والله أعلم.
٢ - حديث عبد الله بن أحمد بسنده عن الأنصاري، فلا شك في عدالة رواته باستثناء الأنصاري، وإنما البحث في كون الأنصاري إنما هو أنس بن مالك ، لأنه إن كان =

<<  <   >  >>