للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن عروة بن رويم، [أنه] قال: أخبرني الأنصاري، عن النبي "أن الملائكة قالوا"، الحديث، وفيه: "وينامون ويستريحون، فقال الله تعالى: لا، فأعادوا القول ثلاث مرات، كل ذلك يقول: لا". والشأن في ثبوتهما، فإن في سنديهما مقالا، وفي متنهما شيئا، فكيف يظن بالملائكة الاعتراض على الله مرات عديدة؟ وقد أخبر الله تعالى عنهم أنهم لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون؟ وهل يظن بهم أنهم متبرمون بأحوالهم، متشوفون إلى ما سواها من شهوات بني آدم؟ والنوم أخو الموت، فكيف يغبطونهم به؟ وكيف يظن بهم أنهم يغبطونهم باللهو، وهو من الباطل؟ قالوا: بل الأمر بالعكس، فإن إبليس إنما وسوس إلى آدم ودلاه بغرور،


= ولكن الحديث رواه الإمام عثمان بن سعد الدارمي في كتاب الرد على المريسي "ص ٣٤" بإسناد صحيح، مطولا: رواه عن عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وهذا إسناد لا مغمز فيه، وقد أشار إليه الحافظ ابن كثير في التاريخ "١/ ٥٥"، مختصرا، من رواية عثمان بن سعيد، وأشار إلى صحته.
وأما رواية عبد الله بن أحمد بن حنبل: فإنها من زياداته في "كتاب السنة" الذي رواه عن أبيه "ص ١٤٨ من طبعة السلفية بمكة" فقال عبد الله: "حدثني الهيثم بن خارجة، حدثنا عثمان بن علاق، وهو عثمان بن حصن بن علاق [وكتب في المطبوعة: محصن! خطأ]، سمعت عروة بن رويم يقول: "أخبرني الأنصاري، عن النبي … ".
فهذا إسناده ظاهره الصحة أيضا، وإن لم أستطع أن أجزم بذلك؛ لأن عروة بن رويم لم يصرح فيه بأن "الأنصاري" الذي حدثه به صحابي، فجهالة الصحابي لا تضر، وهو يروي عن أنس بن مالك الأنصاري، فإن يكنه يكن الإسناد صحيحا. وهذا محتمل جدا، وإن كنت لا أقطع به … فإن الحديث ذكره ابن كثير في التفسير "٥/ ٢٠٦ - ٢٠٧" نقلا عن ابن عساكر، بإسناده إلى عثمان بن علاق: "سمعت عروة بن رويم اللخمي، حدثني أنس بن مالك، عن النبي … " فهذا قد يرجح أن "الأنصاري" في رواية عبد الله بن أحمد هو "أنس بن مالك الأنصاري" ولكن إسناد ابن عساكر لم يتبين لي صحته من ضعفه.
وأيا ما كان، فرواية عبد الله بن أحمد، ورواية ابن عساكر تصلحان للاستشهاد، وتؤيدان صحة حديث عبد الله بن عمرو، بإسناد الدارمي.
أما أعلامه من جهة المتن والمعنى، فإنه غير جيد، ولا مقبول، فإن الملائكة لم يعترضوا بهذا =

<<  <   >  >>