قال المصنف:«ثم بَعَثَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عبدَ الله جَحْش بن رِئاب الأسديّ وثمانية من المهاجِرينَ، وكَتَبَ له كتاباً، وأمَرَه ألا ينظُر فيه حتى يسيرَ يومينِ، ثم ينظُر فيه، ولا يُكره أحداً من أصحابه، فَفعلَ.
ولما فتح الكتاب وجد فيه: «إذا نظرتَ في كتابي هذا فامضِ حتى تنزِلَ نَخْلَة ــ بين مكة والطائف ــ وترصُد بها قريشاً، وتَعْلَمَ لنا من أخبارهم»، فقال: سمعاً وطاعةً، وأخبَر أصحابَه بذلك، وبأنَّه لَا يستكرهُهُم، فمن أحبَّ الشهادة فلينهض، ومن كرِه الموتَ فليرجعْ، وأما أنا فناهضٌ، فنهضوا كلُّهم.
فلما كان في أثناء الطريق أضلّ سعدُ بنُ أبي وقَّاص وعتبةُ بنُ غزوانَ بعيراً لهما كانا يعتقبانِهِ فتخلَّفا في طلبهِ، وتقدَّم عبدُ الله بن جَحْشٍ حتى نزل بنَخلَة، فمرَّت به عيرٌ لقريشٍ تحملُ زبيباً وأَدَماً وتجارة، فيها عمرُو بن الحضرميّ وعثمانُ ونوفلُ ابنا عبد الله بن المُغيرة، والحَكَمُ بنُ كيْسان مولى بني المُغيرة.
فتشاورَ المسلمون وقالوا: نحنُ في آخرِ يومٍ من رجبٍ الشهر الحرام، فإن قاتلناهُم انتهكنا الشهر الحرام، وإن تركناهُم الليلة دخلُوا الحرم، ثم اتفقوا على مُلاقاتهم، فرمى أحدُهم عمرَو بن الحضرميّ فقتلَه، وأسروا عثمانَ والحَكَمَ، وأفلتَ