كن من ورائهم، ولا يعلمن بك أحد، فاذا التقوا وجالوا فأرسلها، ففعل، وخرج ابراهيم، ومعه الكرسى على بغل يمسكه سبعة عن يمينه وسبعة عن يساره، فقتل من أهل الشام مقتلة عظيمة، وازدادت فتنتهم بالكرسى، وقتل إبراهيم عبيد الله ابن زياد وهو لا يعرفه.
فلما أصبحوا رأوه فاحتزوا رأسه، وحمله إبراهيم الى المختار، فوضعه بين يديه وهو يتغدى، فقال: الحمد لله، وكان قد وضع رأس الحسين (عليه السلام) بين يدى بن زياد، وهو يتغدى ثم بعث به المختار الى ابن الحنفية، فأرسله ابن الحنفية الى على بن الحسين، فوصل اليه وهو يتغدى فقال: الحمد لله! دخلت على ابن زياد، وبين يديه رأس أبى وهو يتغدى، وأتى ابن الزبير بالرأس، ووضع بين يديه، فخرجت حية من تحت الاستار فأخذت بأنفه، فأمر به والقى فى بعض شعاب مكة، ثم سار مصعب من البصرة يريد قتال المختار، فأخرج اليه جيشا فهزمهم مصعب، وجاء فخرج اليه المختار، فقاتله وانهزم وتمثل:
كلّ بؤس ونعيم زائل ... وبنات الدّهر يلعبن بكل
والعطيّات شتات بينهم ... وسواء قبر مثر ومقل
ودخل القصر، ومعه خمسة آلاف من أصحابه، فحاصرهم مصعب فتمثل المختار بشعر غيلان بن سلمة:
فلو رآنى أبو غيلان اذ حسرت ... عنّى الأمور الى أمر له طبق «١»
لقال رغب ورهب أنت بينهما ... حب الحياة وهول النّفس والشّفق «٢»