الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه ونهج نهجه واتبع هداه.
أما بعد. فإن إحياء التراث العلمى لكل أمة حتم واجب على أبنائها، وإن تخليد آدابها فريضة لا يستطيع القيام بها إلا أهلها، كما ان العناية بابراز هذا التراث العلمى الأدبى فى ثوب قشيب شىء لا بد منه- لا سيما الكتب التى لم تزل تطوى عليها المكتبات العتيقة أجنحتها، وتواريها بين أحشائها من المخطوطات التى لم يقدر لها بعد الخروج من مخابئها لترى النور، ولم تهيأ لها العقول التى تتناولها بالتحقيق والتصحيح والتعليق..
وان كتابنا- الأوائل- هذا الذى بين أيدينا لهو أحد هذه الكتب وهو كتاب كما سيرى القارىء فريد فى تبويبه، ظريف فى عرضه تليد فى أحداثه، وهو فوق ذلك مزيج من الأدب الذى تستمتع العقول بتحصيله، والتاريخ الذى تتوق النفوس إلى الوقوف على حقائقه، وقد عهد إلى سعادة مدير الجوازات والجنسية بالمدينة المنورة السيد أسعد طرابزونى بتصحيحه وتحقيقه والتعليق عليه، وقدم إلى نسخة مخطوطة يرجع تاريخ نسخها إلى سنة ١٢٦٧ هـ، وعدد صفحاتها ثلاثمائة صفحة، ومسطرتها واحد وعشرون سطرا، وبالاطلاع على النسخة وجدت فى ذيلها ما يشير الى أنها أخذت من نسخة خطية موجودة فى مكتبة شيخ الاسلام عارف حكمت بالمدينة المنورة، وذهبت الى المكتبة ووجدت النسخة وليس فيها ما يشير الى تاريخ خطها، ولكنى وجدت فى نهايتها تعليقا لأحد قرائها يدعو لكاتبها بطول العمر وأرخه بعام ١١٥٣ هـ،