للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعنى الذى خلى عن بلاده الى هذا الموضع.

واستبقاء المأمون ابراهيم المهدى فعلة لم يسبقه إليها احد من الاولين والآخرين، وذلك أنه استبقاه بعد وثوبه على الخلافة. وبيعة الناس له بها، وعادة الملوك اذا ظفروا بمن ينازعهم الملك ان يقتلوه.

كان المأمون قد ولى على بن موسى الرضا العهد بعده. فغضب بنو العباس، فخلعوه، وبايعوا ابراهيم بن المهدى فى محرم سنة اثنتين وثمانين. «١» فحارب الحسن بن سهل ابراهيم فهزمه. والمأمون بخراسان.

فلما قدم بعد ان ظفر بابراهيم قال له: قد استشرت فى أمرك فأشير علىّ بدمك. فقال: ان المشير أشار عليك بما جرت به عادة السياسة. الا انك أبيت ان تطلب النصر الا من حيث عودته، من العفو، فان عاقبت فلك نظير. وان عفوت فلا نظير لك، وان جرمى أعظم من ان أنطق فيه بعذر. وعفو أمير المؤمنين اجل من ان يقابل بشكر، وان لى لشفعة الاقرار بالذنب. وحق العمومة بعد الاب. فلا يسقط عن كرمك عملك، ولا يقع دون عفوك عندك.

فقال المأمون: لو لم يكن من حق نسبك الصفح عنك. بلغك املك حسن تنصلك. «٢» ولطف توسلك.

روى جعفر بن قدان بن زياد الكاتب عن سارية الكبيرة قالت: قال ابراهيم بن المهدى: لما قدم المأمون مدينة السلام من خراسان، أمن الناس غيرى، فتواريت فاختللت اختلالا شديدا، فقالت لى عجوز من الازد:- كانت تخدمنى- سأحتال لك فى ان يصل اليك مال، فركبت زورقا فلما حاذت المأمون فى قصره على دجلة صاحت: النصيحة فأمر بها فادخلت اليه، فقالت: ان دللتك يا أمير المؤمنين على ابراهيم بن المهدى فما تجعل لى؟ قال: مائة ألف درهم. قالت: وجه معى رسولا، ومره أن

<<  <   >  >>