شَهِدَ بدرًا والعَقَبةَ، وذكرَه مسلمٌ (١) في المدنيين، ونزلَ عليه النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حينَ قدِمَ المدينةَ مهاجرًا، فبقيَ في دارِه شهرًا، حتَّى بُنيت حُجَرُه ومسجدُه، وكانَ مِن نجباءِ الصَّحابةِ، وروى أيضًا عن: أُبيٍّ، وعنه: مولاه أفلحُ، والبراءُ بنُ عازبٍ، وسعيدُ بنُ المسيِّبِ، وعروةُ، وعطاءُ بنُ يزيدَ، وموسى بنُ طلحةَ، وآخرون.
ويروى عَن حبيبِ بن أبي ثابتٍ أنَّه وفدَ على ابنِ عبَّاسٍ، ففرَّغَ له دارَه، وقال: لأصنعنَّ بكَ ما صنعتَ برسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، كمْ عليكَ مِن الدَّينِ؟ قال: عشرون ألفًا، فأعطاه أربعين ألفًا، وعشرين مملوكًا. وقال: لكَ ما في البيتِ كلّه.
ولمَّا خرجَ عليٌّ -رضي الله عنه- يريدُ العراقَ استخلفَه على المدينةِ، كما سبقَ في: بلالٍ، فلمَّا قدِمَها بسرُ بنُ أرطأة في جيشٍ لمعاويةَ، فرَّ ولحِقَ بعليٍّ، ودخلَها بُسر، وقالَ لأهلِها: والله لولا ما عهِدَ إليَّ -يعني معاوية- ما تركتُ فيها محتلمًا إلا قتلتُه، ثمَّ أمرَهم بالبيعةِ لمعاويةَ، وذكرَ مجيءَ جابرٍ إليه بعدَ استئذانِ أمِّ سلمةَ، فبايعَه سرًّا، والقصَّةُ مُشار إليها في: بُسرٍ.
وشهدَ الجملَ وصِفِّينَ معَ عليٍّ، وكانَ مِن خاصَّتِه، وكانَ على مقدِّمتِه يومَ النَّهروانِ، ثمَّ إنَّه غزا الرُّومَ معَ يزيدَ بنِ معاويةَ ابتغاءَ ما عندَ الله، فتُوفِّي عندَ القُسطنطينية، ودُفنَ هناك، وأمرَ يزيدُ بالخيلِ فمرَّتْ على قبرِه حتَّى عفتْ أثرَه، لئلا يُنبشَ، ثمَّ إنَّ الرُّومَ عرفوا قبرَه، فكانوا إذا أمحلُوا كشفوا عَن قبرِه، فمُطروا، وقبرُه تُجاهَ سورِ القسطنطينية، وكانتْ وفاتُه في سنةِ إحدى وخمسين، أو: في سنةِ خمسين، وقيل: سنةِ اثنتين وخمسين، وهو الأكثرُ. روى له الجماعة.