عَنْ ذَا الْبَيْعِ قَالَ: فَقَالَ لِي: يَا عَبْدَ الْوَاحِدِ إِنِّي أُبَايِعُ اللَّهَ بِالْجَنَّةِ، ثُمَّ أَعْجَزُ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي بَايَعْتُ اللَّهَ فَقَالَ: فَتَقَاصَرَتْ إِلَيْنَا أَنْفُسُنَا فَقُلْنَا: صَبِيٌّ يَفْعَلُ وَنَحْنُ لَا نَفْعَلُ، قَالَ: فَخَرَّجَ مِنْ مَالِهِ كُلَّهُ يَعْنِي تَصَدَّقَ بِهِ، إِلا فَرَسَهُ وَسِلَاحَهُ وَنَفَقَتَهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخُرُوجِ كَانَ أَوَّلَ مَنِ طَلَعَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ الْوَاحِدِ، فَقُلْتُ لَهُ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ارْبَحِ الْبَيْعَ، ثُمَّ سِرْنَا وَهُوَ مَعَنَا يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ وَيَخْدِمُنَا، وَيَرْعَى دَوَابَّنَا، وَيَحْرُسُنَا إِذَا بِتْنَا، حَتَّى دُفِعْنَا إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ يَوْمًا إِذْ أَقْبَلَ وَهُوَ يُنَادِي، وَاشَوْقَاهُ إِلَى الْعَيْنَاءِ الْمَرْضِيَّةِ حَتَّى قَالَ أَصْحَابِي لَعَلَّهُ وَسْوَسَ الْغُلَامُ أو خلط عقله، حتى دنا وجعل ينادي يا عبد الواحد لَا صَبْرَ لِي وَاشَوْقَاهُ إِلَى الْعَيْنَاءِ الْمَرْضِيَّةِ، فَقُلْتُ: حَبِيبِي وَمَا هَذِهِ الْعَيْنَاءُ الْمَرْضِيَّةُ؟ قَالَ: إِنِّي غَفَوْتُ غَفْوَةً، يَعْنِي نِمْتُ نَوْمَةً، فَرَأَيْتُ كَأَنَّهُ أَتَانِي آتٍ فَقَالَ: أَذْهَبُ بِكَ إِلَى الْعَيْنَاءِ الْمَرْضِيَّةِ، فَهَجَمَ بِي عَلَى رَوْضَةٍ فِيهَا شَطُّ نَهْرٍ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، فَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهْرِ جَوَارٍ عَلَيْهِنَّ مِنَ الْحُلِيِّ وَالْحُلَلِ مَا لَا أَصِفُ، فَلَمَّا رَأَيْنَنِي اسْتَبْشَرْنَ، وَقُلْنَ: هَذَا زَوْجُ الْعَيْنَاءِ الْمَرْضِيَّةِ قَدْ قَدِمَ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكُنَّ أَفِيكُنَّ الْعَيْنَاءُ الْمَرْضِيَّةُ؟ فَقُلْنَ: لَا نَحْنُ خَدَمٌ لَهَا وَإِمَاؤُهَا، فَتَقَدَّمْ أَمَامَكَ فَتَقَدَّمْتُ، فَإِذَا بِنَهْرٍ فِيهِ لَبَنٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، فِي رَوْضَةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ زِينَةٍ، فِيهَا جَوَارٍ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُنَّ افْتُتِنْتُ مِنْ حُسْنِهِنَّ وَجَمَالِهِنَّ، فَلَمَّا رَأَيْنَنِي اسْتَبْشَرْنَ وَقُلْنَ: هَذَا وَاللَّهِ زَوْجُ الْعَيْنَاءِ الْمَرْضِيَّةِ قَدْ قَدِمَ عَلَيْنَا، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكُنَّ أَفِيكُنَّ الْعَيْنَاءُ الْمَرْضِيَّةُ؟ فَقُلْنَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا وَلِيَّ اللَّهِ نَحْنُ خَدَمٌ لَهَا وَإِمَاءٌ لَهَا فَتَقَدَّمْ أَمَامَكَ فَتَقَدَّمْتُ، فَإِذَا بِنَهْرٍ آخَرَ مِنْ خَمْرٍ، عَلَى شَطِّ الْوَادِي فِيهِ جَوَارٍ أَنْسَيْنَنِي مَنْ خَلَّفْتُ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكُنَّ: أَفِيكُنَّ الْعَيْنَاءُ الْمَرْضِيَّةُ؟ فَقُلْنَ: لَا نَحْنُ إِمَاءٌ لَهَا وَخَدَمٌ لَهَا امْضِ أَمَامَكَ، فَتَقَدَّمْتُ فَإِذَا بِنَهْرٍ آخَرَ مِنْ عَسَلٍ مُصَفَّى، وَرَوْضَةٌ فِيهَا جَوَارٍ لَهُنَّ مِنَ النُّورِ وَالْجَمَالِ مَا أَنْسَانِي مَنْ خَلَّفْتُ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكُنَّ أَفِيكُنَّ الْعَيْنَاءُ الْمَرْضِيَّةُ؟ قُلْنَ: يَا وَلِيَّ الرَّحْمَنِ نَحْنُ إِمَاءٌ لَهَا امْضِ أَمَامَكَ، فَتَقَدَّمْتُ فَوَقَعْتُ فِي خَيْمَةٍ مِنْ دُرَّةٍ مُجَوَّفَةٍ عَلَى بَابِ الْخَيْمَةِ جَارِيَةٌ عَلَيْهَا مِنَ الْحُلِيِّ وَالْحُلَلِ مَا لَا أَصِفُهُ، فَلَمَّا رَأَتْنِي اسْتَبْشَرَتْ وَنَادَتْ مِنَ الْخَيْمَةِ، أَيَّتُهَا الْعَيْنَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute