للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صُعِقَ مِنْهَا، وَنُخِرَ نَخْرَةً لَوْ سَمِعَهُ أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَصُعِقُوا مِنْ تِلْكَ النَّخْرَةِ وَمَلَكُ الْمَوْتِ يَقُولُ: قِفْ يَا خَبِيثُ لَأُذِيقَنَّكَ الْيَوْمَ الْمَوْتَ بِعَدَدِ مَنْ أَغْوَيْتَ، كَمْ مِنْ عُمْرٍ أَدْرَكْتَهُ وَكَمْ مِنْ قُرُونٍ أَضْلَلْتَ، وَكَمْ مِنْ قُرَنَاءَ لَكَ بِسَوَاءِ الْجَحِيمِ يُقَارِنُوكَ، وَهَذَا الْوَقْتُ الْمَعْلُومُ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ رَبِّكَ، وَإِلَى أَيْنَ تَهْرَبُ فَيَهْرَبُ الشَّيْطَانُ إِلَى الْمَشْرِقِ، فَإِذَا هُوَ بِمَلَكِ الْمَوْتِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَيَغَوصُ فِي الْبِحَارِ، فَإِذَا هُوَ بِمَلَكِ الْمَوْتِ فَتَرْمِيهِ الْبِحَارُ فَلَا تَقْبَلُهُ فَلَا يَزَالُ يَهْرُبُ فِي الْأَرْضِ وَلَا مَحِيصَ وَلَا مَلْجَأَ لَهُ وَلَا مَنْجَا، ثُمَّ يَقُومُ فِي وَسَطِ الدُّنْيَا عِنْدَ قَبْرِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيَقُولُ: مِنْ أَجْلِكَ يَا آدَمُ حُوِّلْتُ مَلْعُونًا رَجِيمًا فَيَا لَيْتَكَ لَمْ تُخْلَقْ، فَيَقُولُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: بِأَيِّ كَأْسٍ تَسْقِينِي؟ يَعْنِي بِأَيِّ عَذَابٍ تَقْبِضُ رُوحِي، فَيَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ: بِكَأْسِ أَهْلِ لَظَى يَعْنِي مِثْلَ عَذَابِ أَهْلِ النَّارِ، وَبِكَأْسِ أَهْلِ سَقَرَ، وَبِكَأْسِ أَهْلِ الْجَحِيمِ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً، قَالَ: وَإِبْلِيسُ يَتَمَرَّغُ فِي التُّرَابِ مَرَّةً، وَيَصِيحُ أُخْرَى، وَيَهْرَبُ مَرَّةً مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ وَمِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْمَشْرِقِ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أُهْبِطَ فِيهِ يَوْمَ لُعِنَ، وَقَدْ نَصَبَتْ لَهُ الزَّبَانِيَةُ الْكَلَالِيبَ، وَصَارَتِ الْأَرْضُ كَالْجَمْرَةِ وَتَحْتَوِشُهُ الزَّبَانِيَةُ، فَيَطْعَنُونَهُ بِالْكَلَالِيبِ، فَيَكُونُ فِي النِّزَاعِ وَالْعَذَابِ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ، وَيُقَالُ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ: اطَّلِعَا الْيَوْمَ عَلى عَدُوِّكُمَا، وَانْظُرَا مَا نَزَلَ بِهِ كَيْفَ يَذُوقُ الْمَوْتَ، فَيَطَّلِعَانِ، فَإِذَا نَظَرَا إِلَى مَا هُوَ فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الْعَذَابِ وَالْمَوْتِ قَالَا: رَبَّنَا قَدْ أَتْمَمْتَ عَلَيْنَا النِّعْمَةَ

حِكَايَةُ الشَّابِّ الَّذِي بَاعَ نَفْسَهُ:

قَالَ الْفَقِيهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ حَدَّثَنَا أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى , قَالَ: " بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا فِي مَجْلِسِنَا هَذَا، وَقَدْ تَهَيَّأْنَا لِلْخُرُوجِ إِلَى الْغَزْوِ، وَقَدْ أَمَرْتُ أَصْحَابِي أَنْ يَتَهَيَّئُوا غَدَاةَ الْإِثْنَيْنِ، وَقَدْ قَرَأَ رَجُلٌ فِي مَجْلِسِنَا: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: ١١١] ، الْآيَةَ، فَقَامَ غُلَامٌ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ , وَقَدْ مَاتَ أَبُوهُ وَأَوْرَثَهُ مَالًا كَثِيرًا، فَقَالَ: يَا عَبْدَ الْوَاحِدِ، إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ، فَقُلْتُ: نَعَمْ حَبِيبِي.

فَقَالَ لِي: إِنِّي أُشْهِدُكَ يَا عَبْدَ الْوَاحِدِ أَنِّي قَدْ بِعْتُ نَفْسِي، وَمَالِي بِأَنَّ لِيَ الْجَنَّةَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنّ حَدَّ السَّيْفِ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَنْتَ صَبِيٌّ، وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ لَا تَصْبِرَ وَتَعْجَزَ

<<  <   >  >>