قَالَ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً إِذَا كَانَ بَعْدُ الْمَغْرِبِ وَقَفْتَ لِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْكَ مُتَنَكِّرًا فَأَخْرُجُ إِلَى قَبْرِهِ، فَأَزُورَهُ، فَوَقَفْتُ لَهُ فَخَرَجَ الْخَدَمُ حَوْلَهُ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِي فَجِئْتُ بِهِ إِلَى قَبْرِهِ، فَمَا زَالَ لَيْلَتَهُ يَبْكِي إِلَى الصُّبْحِ، وَيَقُولُ: يَا بُنَيَّ نَصَحْتَ أَبَاكَ حَيًّا وَمَيِّتًا، فَجَعَلْتُ أَبْكِي لِبُكَائِهِ رِقَّةً مِنِّي لَهُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ رَجَعَ حَتَّى إِذَا دَنَا إِلَى الْبَابِ فَقَالَ لِي: قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَأَمَرْتُ بِأَنْ تَجْرِيَ عَلَيْكَ فَإِذَا أَنَا مُتُّ أَوْصَيْتُ مَنْ يَلِي مِنْ بَعْدِي أَنْ يُجْرَى عَلَيْكَ مَا بَقِيَ لَكَ عَقِبِي، فَإِنَّ لَكَ عَلَيَّ حَقًّا بِدَفْنِكَ وَلَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْبَابَ قَالَ لِي: انْظُرْ إِلَى مَا أَوْصَيْتُكَ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقُلْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَرَجَعْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَلَمْ أَعُدْ إِلَيْهِ
حِكَايَةٌ:
٩٦١ - حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفُضَيْلِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُوسَى، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، قَالَ: لَمَّا آخَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ آخَى بَيْنَ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَبَيْنَ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيِّ، وَغَزَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكٍ، فَخَرَجَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ غَازِيًا وَخَلَّفَ أَخَاهُ ثَعْلَبَةَ فِي أَهْلِهِ، فَكَانَ يَحْتَطِبُ لِأَهْلِهِ الْحَطَبَ، وَيَسْتَقِي لَهُمُ الْمَاءَ عَلَى ظَهْرِهِ فِي كِلِّ ذَلِكَ يَرْجُو الثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَقْبَلَ ثَعْلَبَةُ ذَاتَ يَوْمٍ فَدَخَلَ الْمَنْزِلَ فَجَاءَهُ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ: انْظُرْ مَا خَلْفَ السِّتْرِ، فَرَفَعَ ثَعْلَبَةُ السِّتْرَ فَرَأَى امْرَأَةَ أَخِيهِ وَكَانَتِ امْرَأَةً جَمِيلَةً، فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا وَمَسَّهَا، فَقَالَتْ لَهُ: يَا ثَعْلَبَةُ مَا حَفِظْتَ فِينَا حُرْمَةَ أَخِيكَ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَنَادَى ثَعْلَبَةُ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَخَرَجَ هَارِبًا إِلَى الْجَبَلِ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ إِلَهِي أَنْتَ أَنْتَ، وَأَنَا أَنَا، أَنْتَ الْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ وَأَنَا الْعَوَّادُ بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، فَلَمَّا أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَتِهِ أَقْبَلَ جَمِيعُ الْإِخْوَانِ يَتَلَقَّوْنَ إِخْوَانَهُمْ، وَلَمْ يُسْتَقْبَلْ أَخُو سَعِيدٍ، فَأَقْبَلَ سَعِيدٌ، إِلَى مَنْزِلِهِ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا هَذِهِ مَا فَعَلَ أَخِي الْمُؤَاخِيِّ فِي اللَّهِ، قَالَتْ: إِنَّهُ أَلْقَى بِنَفْسِهِ فِي بُحُورِ الْخَطَايَا، فَخَرَجَ هَارِبًا إِلَى الْجَبَلِ، فَخَرَجَ سَعِيدٌ يَطْلُبُ أَخَاهُ فَوَجَدَهُ مُنْكَبًّا عَلَى وَجْهِهِ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ، وَاذُلَّ مَقَامَاهُ مَقَامُ مَنْ عَصَى رَبَّهُ، فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: قُمْ يَا أَخِي فَمَا الَّذِي بَلَّغَكَ مَا أَرَى؟ فَقَالَ ثَعْلَبَةُ: لَسْتُ بِقَائِمٍ مَعَكَ حَتَّى تَغُلَّ يَدَيَّ إِلَى عُنُقِي وَتَقُودَنِي كَمَا يُقَادُ الْعَبْدُ الذَّلِيلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute