[[من أحوال الخائفين وأقوالهم].]
* وفي هذا متعلَّق لمن يقول: إِن التائب بعد التوبة في المشيئة. وكان هذا حالَ كثير من الخائفين من السلف.
* وقال بعضهم (١) لرجل: هل أَذنبت ذنبًا؟ قال: نعم. قال: فعلمتَ أَن الله كتبه عليك؟ قال: نعم. قال: فاعمل حتى تعلم أَن الله قد محاه.
* ومنه قول ابن مسعود: "إِن المؤمن يرى ذنوبه كأَنه في أصل جبل يخاف أَن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب طار على أَنفه فقال به هكذا".
خرجه البخاري (٢).
* وكانوا يتهمون أَعمالهم وتوباتهم ويخافون أَن لا يكون قد قبل منهم ذلك، فكان ذلك يوجب لهم شدة الخوف، وكثرة الاجتهاد في الأعمال الصَّالحة (٣).
* قال الحسن: أَدركت أَقواما لو أَنفق أحدهم ملء الأَرض ما أَمِنَ؛ لِعظِم الذنب في نفسه.
وقال ابن عون: لا تثق لكثرة العمل؛ فإِنك لا تدري يقبل منك أم لا، ولا تأَمَنْ من ذنوبك؛ فإِنك لا تدري كفِّرت عنك أَم لا؛ لأن عملك مغيب عنك كله.
* والأَظهر - والله أَعلم - في هذه المسألة - أَعني مسألة تكفير الكبائر بالأَعمال - أنه (٤) إن أُريد أَن الكبائر تمحى بمجرد الإتيان بالفرائض، وتقع الكبائر مكفرة بذلك كما تكفر الصغائر باجتناب الكبائر، فهذا باطل.
* وإن أريد أنه قد يوازن يوم القيامة بين الكبائر وبين بعض الأعمال فتمحى الكبيرة بما يقابلها من العمل، ويسقط العمل فلا يبقى له (٥) عنه ثواب فهذا قد يقع.
* وقد تقدم عن ابن عمر أنه لما أَعتق مملوكه الذي ضربه قال: ليس لي فيه من الأجر
(١) سقط من م.
(٢) أخرجه البخاري في: ٨٠ - كتاب الدعوات: ٤ - باب التوبة ١١/ ١٠٢ ح (٦٣٠٨) رواية عن أحمد بن يونس، عن أبي شهاب، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن الحارث بن سويد عن عبد الله بن مسعود من قوله.
وفيه: " … كأنه قاعد تحت جبل، .. كذباب مر … وبعده: قال أبو شهاب بيده فوق أنفه".
(٣) م: "العمل الصالح".
(٤) ليست في ب.
(٥) م: "عنه".