للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

على إظهار عورته. فإذا استراح شغب المنازع، ومداراة المستمع لم يبق إلا أن يقوى على خلافه أو يعجز عنه.

ومن شكر المعرفة بمغاوي الناس ومراشدهم، ومضارهم ومنافعهم: أن يحتمل ثقل مؤنتهم وتعريفهم، وأن يتوخى إرشادهم، وإن جهلوا فضل من يسدي إليهم.

ولن يصان العلم بمثل بذله، ولن تستبقى النعمة فيه بمثل نشره.

وأعلم أن قراءة الكتب أبلغ في إرشادهم من تلاقيهم، إذ كان مع التلاقي يقوى التصنع، ويكثر التظالم، وتفرط النصرة، وتنبعث الحمية. وعند المزاحمة تشتد الغلبة وشهوة المباهاة، والاستحياء من الرجوع، والأنفة من الخضوع. وعن جميع ذلك تحدث الضغائن، ويظهر التباين، وإذا كانت القلوب على هذه الصفة، وبهذه الحالة، امتنعت من المعرفة وعميت عن الدلالة.

وليست في الكتب علة تمنع من درك البغية، وإصابة الحجة؛ لأن المتوحد بقراءتها، والمتفرد بفهم معانيها، لا يباهي نفسه ولا يغالب عقله ولا يعاز خصمه.

والكتاب قد يفضل ويرجح على واضعه بأمور:

<<  <  ج: ص:  >  >>