للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا قلت: ذاك زيد قائماً صار كأنك قلت: أُشير لك إليه قائماً١.

أما مذهب سيبويه: فإن الذي يظهر لي - كما ظهر لغيري من قبل - أن الحال تجئ من المبتدأ. فإنه قال في باب "ما ينتصب لأنه خبرٌ للمعروف المبني ... ":

(فأما المبني على الأسماء المبهمة فقولك: هذا عبد الله منطلقاً ... ، فـ"هذا" اسمٌ مبتدأ يُبنى عليه ما بعده وهو "عبد الله"، ولم يكن ليكون هذا كلاماً حتى يُبنى عليه أو يُبنى على ما قبله ... والمعنى أنك تريد أن تعرِّفه عبد الله؛ لأنك ظننت أنه يجهله، فكأنك قلت: انظر إليه منطلقاً، فـ " منطلقاً " حال قد صار فيها عبد الله، وحال بين منطلق وهذا٢.

لكن الذي يبدو لي من هذا النصّ أن المذهب المتقدم عن المبرد وابن السراج موافق لمذهب سيبويه وهو أن الحال تجيء من المبتدأ إذا كان في معنى الفعل كأسماء الإشارة؛ لأن سيبويه قال: "فكأنك قلت: انظر إليه منطلقا"

ومثَّل سيبويه - في موضع آخر من الكتاب - بـ"فيها عبد الله قائماً، وعبد الله فيها قائماً" ثم قال:

"قولك: "فيها" كقولك: استقرَّ عبد الله، ثم أردت أن تخبر على أية حال استقرَّ فقلت: قائماً، فـ "قائم" حال مُسْتَقَرٌّ فيها.

وإن شئت ألغيت "فيها"٣ فقلت: فيها عبد الله قائمٌ ... فإذا نصبت القائم فـ"فيها" قد حالت بين المبتدأ والقائم واستُغني بها، فعمل المبتدأ حين لم يكن القائم مبنياً عليه عَمَلَ: هذا زيد قائماً"٤.


١ انظر: المقتضب ٣/٢٧٤، ٤/١٦٨. وانظر: الأصول ١/٢١٨.
٢ الكتاب ١/٢٥٦.
٣ يُسمي سيبويه الظرف - إذا لم يكن خبراً - ملغى؛ لأنه يتم الكلام بإلغائه وإسقاطه، وذلك قوله: وإن شئت ألغيت فيها فقلت: فيها عبد الله قائم. انظر: شرح السيرافي جزء (٢) لوحة ١٩٩.
٤ الكتاب ١/٢٦١،٢٦٢.

<<  <   >  >>