للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصفاء الناس، معه قصعة، فوضعها بين يديه وجلس الرجل يأكل، وحصبني وقال: هلم، فجئته، وظننت أنها من الجنة، فجئت وأكلت منها لقمة، فأكلت طعاما لا يشبه طعام أهل الدنيا/ثم احتشمت، فقمت ورحت إلى مجلسي، فلما فرغ أخذ الوصيف القصعة، ورجع من حيث جاء، وقام الرجل منصرفا، فأتبعته لكي أعرفه، فلم أدر أين سلك، فظننته الخضر (١).

وكان مصعب يصوم الدهر ويصلي في اليوم والليلة ألف ركعة (٢).

وقال عبد الله محمد بن ماتك: حكى لي بمكة شخصا في سنة ثمان وأربعين وثلثمائة قال: خرجت من صنعاء حاجا، فقال لي رجل من الأصحاب، إذا زرت النبي صلى الله عليه وسلم، فاقرءه مني السلام وعلى صاحبيه، فنسيت ما استودعني، فخرجنا إلى الصحراء بعد الزيارة، فلما أردت الإحرام تذكرت، فرجعت إلى المدينة، فسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه، فأدركني الليل، وسألت رجلا عن الرفقة، فقال رحلوا، فرجعت إلى المسجد، وقلت نقيم ههنا حتى تأتي رفقة أخرى، فنمت فلما كان آخر الليل، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال أبو بكر: يا رسول الله هذا هو الرجل، فقال نعم، والتفت إليّ وقال لي: يا أبا الوفاء، فقلت يا رسول الله كنيتي أبو العباس، فقال لي: أنت أبو الوفاء، فأخذ بيدي فوضعني بالمسجد الحرام، فأقمت ثمانية أيام حتى وردت القافلة التي كنت معها.

وسمعت والدي رحمه الله تعالى يقول: كان بالمدينة شخص يماني،


(١) الخبر أورده ابن النجار في الدرة الثمينة ٢/ ٤٠٠ عن مصعب بن ثابت. وهذا من توهمات المتصوفة أن الخضر حيّ لم يمت من زمان موسى عليه السلام، والصواب أنه لم يبق، إذ لو كان حيا لما وسعه إلا الحضور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو حضر لاشتهر ذلك، إذ هو مما تداعى الهمم لنقله. وسبق أن وضحت المسألة في الفصل الخامس من الباب السادس.
(٢) كذا ورد عند ابن النجار في الدرة الثمينة ٢/ ٤٠٠، وابن حجر في التهذيب ١٠/ ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>