للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩ - وإذا (١) سكن لهب النار وانقطع قيل: خَبَت النار تخبو خُبُوّاً، وخمدت تخمد خموداً، قال عزّ وجلّ: (كلّما خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً) .

فإذا ذهب الجمر إلاّ بقايا منه في الرماد تتبينها إذا حرّكت الرماد، والرماد حارمن أجل تلك البقية، فذلك الرماد يقال له المهل ويسمى أيضاً المَلَّة، ولذلك سمّى الناس الخبز الملّة، إنما هي المليل ولكن سُمّيت باسم الملّة، ومنه أخذت المليلة في الحمّى. ويقال للمليلة (٢) من الخبز أيضاً الفئيد، والموضع الذي يفتأد فيه هو المُفْتَأَد. فإذا برد الرماد فلم يبق فيه من الجمر شيء قيل همدت النار تَهْمد هموداً فهي هامدة، وقد طُفِئَتْ انار تطفأ طفوءاً، وأنطفأت وأطفأتُها أنا، وماتت النار تموت موتاً فهي ميتة، وحيت تحيا حياة فهي حيّة. وإذا صارت رماداً فهي آسة.

١٠ - ومن أحسن ما قيل في النار بعد انطفائها وبقاء رمادها حاراً ما قال عبد الله بن محمد الأزدي من شعراء إفريقية (٣) :

تظنّنَّ امرءاً أغضبه ... سَبَبٌ ثم انقضى ذاك السببْ

سالمَ الصَّدْرِ من الحِقْدِ وإنْ ... أظهرَ الودَّ ولم يُبْدِ الغَضَبْ

فمكانَ النار يبقى حرُّها ... كامناً فيه وإن زال اللَّهب ١٠٤٥ - أوصاف النار:

١ - قالت العلماء: ليس في العالم جسم صرف غير ممزوج، ومرسل غير مركب، ومطلق القوى غير محبوس، أحسن من النار، ويقال: شراب كأنه النار، وامرأة حسناء كأن لون وجهها لون النار. وقالت أعرابية (٤) : هذا والله وأنا أحسن من النار. ويقال لمن يوصف بالذكاء هو إلاّ نار موقدة.

٢ - وقال بعض الحكماء (٥) : النيران أربع نارٌ تأكل وتشرب وهى نار المعدة،


(١) حد: ١٥١ - ١٥٢.
(٢) حد: للمليل.
(٣) هو من شعراء الانموذج، ذكرت ترجمته في مسالك الأبصار ١١: ٢٣٥ وأورد الأبيات؛ وانظر الفقرة رقم: ٢٩٩ في ما تقدم.
(٤) محاضرات الراغب (٢: ٢٧٧) .
(٥) محاضرات الراغب (٢: ٢٧٨) .

<<  <   >  >>