لم يبدأ اعتناء الإسلام بالشباب عند بلوغهم سنَّ الشباب، بل اعتنى بهم وهم نطف في أصلاب آبائهم وترائب أمهاتهم وذلك حين دعا إلى:
١ـ اختيار الزوجة والتحري من كرم أصلها وطيب منبتها؛ لأن الإنسان إذا أراد أن يبذر بذرا اختار له الأرض الصالحة بغية أن يخرج نباته بإذن ربه، والأمر بالنسبة للزوجة أجل خطابا وأعظم هولاً، لأنه إنتاج بشري وذاك إنتاج زراعي، وفرق شاسع بين إنتاج وإنتاج، فلا عجب إن دعا الإسلام إلى التدقيق في اختيار الزوجة والنظر إليها والوقوف على أخلاقها ودينها حتى يكمل الانسجام، وتزداد المحبة، وصولا إلى عش الزوجية الهادئ الذي يستقبل الأبناء في عطف وحنان فيترعرعون في ظله؛ ليقدمهم إلى المجتمع رجالا أصلاء ونساء عريقات.
٢ـ من آداب المعاشرة الزوجية أن يسمى الرجل الله تعالى، ويأمر زوجته بها اتباعا للسنة وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم:" لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضى بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدا " وهكذا يدعو الأبوان لابنهما قبل أن يولد بل قبل تكوينه.. حتى إذا جاء إلى الحياة نشأ نشأة رحمانية بعيدة عن غواية الشيطان ومكائده.
٣ـ حينما يولد المولود نؤذن في أذنه اليمنى، ونحنكه بمضغ تمرة ووضعها في فيه، وندعو له بالبركة، ثم نعقّ له في اليوم السابع، ونختار له اسما حسنا، وهذه كلها معان خيرة تتعاون على رسم بداية طيبة لحياة قادمة مليئة بالكرامة والخير والاستقامة والسعادة.
٤ـ حفظا لفطرة المولود من أي شيء يغيرها، ويعكر صفوها نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم- من استرضاع المرأة الحمقاء حتى لا يتعدى حمقها إلى الطفل متسربا إلى نفسه الذكية مع لبنها، فيلوثها بما يشوه جمالها، ويغير طبيعتها.
٥ـ أمر الرسول عليه الصلاة والسلام أن يطعم الطفل، ويغذى من حلال؛ لأن الذي ينبت لحمه من حلال ينشأ وهو يحب الحلال -كما أن الذي ينبت لحمه من حرام ينشأ وهو يحب الحرام، ولا يخفى ما في هذه المسألة من خير كثير في شقها الأول، ومن شر مستطير في شقها الثاني.
٦ـ إذا بلغ الأطفال السابعة من أعمارهم أمرناهم بالصلاة فإن داوموا عليها فبها ونعمت، وإلا ضربناهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقنا بينهم في المضاجع حتى لا يلتفتوا إلى