فى ملكه؛ فقصده ملك من ملوك الغرب يقال له «سادوم» فى جيش عظيم، وأقبل من ناحية المغرب من نحو وادى هبيب «١» ليكبس البلد، فأقبل حتى وافاهم، ثم جلّلهم بشىء من سحره كالغمام شديد الحرارة، فأقاموا تحته أياما لا يدرون أين يتوجّهون، فطار إلى مصر فآستأنس الناس لمقدمه، فعرّفهم ما جرى وأمرهم بالخروج إليهم ليعرفوا خبرهم، فوجدوهم ودوابّهم أمواتا فعجبوا لذلك، وهابه الكهنة هيبة لم يهابوها أحدا قبله، وصوّروه فى جميع الهياكل، وملكهم زمانا.
وبنى فى آخر عمره هيكلا لزحل من صوّان أسود فى ناحية الغرب، وجعل له عيدا، وجعل فى وسطه ناووسا، وحمل إليه ما أراد من ذهب وجوهر، وحكم وعقاقير، وعرّفهم بموته، وجعل على باب الناووس طلّسمات تمنع منه، وغاب عنهم فلم يقفوا على موته.
وكان قد أوصى إلى ابنه ماليا بن كلكن فملك بعد أبيه. وكان شرها كثير الأكل والشرب، منفردا بالرفاهة، غير ناظر فى شىء من الحكمة، وجعل أمر البلد إلى وزير له. وكان معجبا بالنساء؛ وكان له ثمانون امرأة، ثم اتخذ امرأة من بنات الملوك التى بمنف وكانت عاقلة سديدة الرأى، وكان بها معجبا فحمته النساء. وكان له بنون وبنات، وكان أكبر بنيه يقال له: طوطيس، فكان يستجهل أباه فأعمل الحيلة فى قتله، وإنما حملته على ذلك أمه وجماعة نسائه وبعض وزراء أبيه؛ فهجم عليه فى وزرائه وهو سكران وتلك المرأة عنده فقتله وقتل المرأة وصلبها.