للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأموالها، ويدفع عنه أذى طلّسماتها حتى يبلغ جميع ما يريده ويعرّفه مواضع الكنوز.

فلمّا اتصل بصا الملك أنّ صاحب الإفرنجة يتجهّز إليه، عمد إلى جبل بين البحر المالح وشرقى النيل فأصعد إليه أكثر كنوزه وما فى خزائنه، وبنى عليها قبابا وصفّحها بالرّصاص، وأمر ففتحوا جوانب الجبل إلى منتهى خمسين ذراعا، وجعلوا فى انتهاء المنحوت منه شبه الطرر البارزة خارجة من النحت بقدر مائة ذراع وهو بين جبال وعرة، فحصّن أمواله هناك. وتجهّز إليه صاحب الإفرنجة فى ألف مركب، فكان لا يمرّ بشىء من أعلام مصر ومناراتها وأصنامها إلّا هدمه وكسره بمعونة الكاهن له.

حتى أتى الإسكندرية الأولى فعاث فيها وهدم كثيرا من معالمها إلى أن دخل النيل من ناحية رشيد وصعد إلى منف فحاربه أهل النواحى، وجعل ينهب ما مرّ به ويقتل من قدر عليه إلى أن طلب المدائن الداخلة ليأخذ كنوزها فوجدها ممتنعة بالطلّسمات الشداد والمياه العميقة والخنادق الشدّاخات، فأقام عليها أياما كثيرة يعالج أن يصل إليها، فلمّا لم يمكنه ذلك قتل الكاهن، وهلك جماعة من أصحابه، واجتمع أهل النواحى على مراكبه وأصحابه فقتلوا منهم خلقا وأحرقوا بعض المراكب. ولما تيقّن أهل مصر تلف الكاهن الذى كان معه أرسلوا إليه سحرهم وتهاويلهم، وأتت مع ذلك رياح غرقت كثيرا من مراكبه، وكانّ جل مرامه أن ينجو بنفسه فما عاد إلى الإفرنجة إلا وقيذا «١» بجراحات أصابته، ورجع الناس إلى منازلهم وقراهم، ورجع صا إلى منف فأقام بها وترك ما كنزه على حاله.

قال: ولم يزل بعد ذلك يغزو بلاد الروم وأهل الجزائر ويخرّبها فهابته الملوك، وتتّبع الكهنة فقتل منهم خلقا، وأقام سبعا وستين سنة، وكانت سنة مائة وسبعين سنة وهلك، فدفن بمنف فى ناووس عمله وسط المدينة من تحت الأرض، وجعل