للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن آخر: ورتع فى رياض بلاغته التى لم يقتطفهنّ من قبله غارس ولا جان، واجتلى الحور المقصورات فى الطروس التى لم يطمثهنّ «١» إنس قبله ولا جانّ؛ وغنى بتلك المحاسن غنى خيرا من المال، واعتقد «٢» فيها كنوزا إذا شاء أنفق منها الجمل، وإذا شاء أمسك منها الجمال.

وقال أيضا: كتاب اشتمل على بديع المعانى وباهرها، وزخرت بحار الفضل إلا أننى ما تعبت فى استخراج جواهرها؛ بل سبحت حتى تناولتها، وجنحت إلىّ فما حاولتها؛ واقتبست من محاسن أوصافه، وبدائع أصنافه؛ نكتا استقلت أجسادها بالارواح، وزهيت جيادها بما فيها من الغرر والأوضاح؛ فيا لله من بدائع وروائع، ولطائف وطرائف! فيها ما تشتهى الأنفس وتلذّ الأعين، وما يقرّط الأسماع ويقرّط «٣» الألسن؛ فكأنه طرف طرف «٤» صوبه مدرار، وعلم علم منصوب فى رأسه نار؛ صحّح السحر وإن كان ظنّا، وفضح الدّرّ إذ كان أبرع معنى، وأسنى حسنا، وأدنى مجنى، وأغنى مغنى؛ فما ضره تأخير زمانه، مع تقدّم بيانه؛ ولا من سبقه فى عصره، مع أنه قد سبق فى شعره.