للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن كلامه رحمه الله يصف بلاغة كتاب، قال: كتاب إلى نحرى ضممته، وذكرت به الزمن الذى ما ذممته، وأكبرت قدره فحين تسلّمته [استلمته «١» ] والتقطت زهره فحين لمحته استملحته، وامتزج بأجزاء نفسى فحين لحظته حفظته؛ وجمعت بينه وبين مستقرّه من صدرى، واستطلت به مع قصره على حادثات دهرى، وجعلت سحره بين سحرى «٢» ونحرى، واستضأت به ورشفته فهو نهارى وهو نهرى؛ فإن أردت العطر بلا أثر أمسكت مسكه بيدى، وإن أردت السكر بلا إثم أدرت كأسه فى خلدى؛ فلله أنامل رقمته، ما أشرف آثارها! وخواطر أملته، ما أشرق أنوارها! ولم أزل متنقلا منه بين روضة فيها غدير، وليلة فيها سمير؛ وإمارة لها سرير، ومسرّة أنالها طليق أسير، ونعمة أنا لها عبد بل بها أمير؛ حتى أدبرت عنى جيوش الأسى مفلوله، وقصرت عنّى يد الهمّ مغلوله؛ وملئت منّى مسامع المكارم حمدا، وخواطر الصنائع ودّا؛ وحطّ الأمل بربعى رحله، وأنبت الربيع بفنائى بقله؛ ولبست من الإقبال أشرف خلعه، ووردت من القبول أغزر شرعه، وانتجعت من رياض الرجاء أرجى نجعه.

وقال أيضا من آخر: هذا من عفو الخواطر، فكيف إذا استدعى المجلس خطّيّة «٣» خطّه فجاءت تعسل «٤» ، وحشد حشود بلاغته فأتت من كل حدب «٥» تنسل!.