كم جهد ما تسلّى القلوب، وتسرّى «١» الكروب؛ لا سيّما إذا كان الذى فارقته أعلق بالأكباد من خلبها «٢» ، وأقرب الى القلوب من حجبها؛ وهل يستروح إلا أن يفضّ ختام الدمع، ويخترق حجاب السمع، ويستغيث بسماء العيون ذات الرّجع «٣» ، لتجود أرض الخواطر ذات الصدع؛ وهنا لك أوفى ما يكون الشوق جندا، وأورى ما يورى الوجد زندا
إلى زفرة أو عبرة مستباحة ... لهذى مراح عنده ولذى مغدى
وقد علم الله أنّى مذ فارقته ما دعانى الذكر إلا لبّيته بجواب من ماء الغليل غير قليل ولا ذكرت خلقه الجميل إلا ورأيت الصبر الجميل غير جميل
وغير كثير فيه وجد كثير ... ولوعة قيس والتياح «٤» جميل
وقد كتبت اليه حتى كاد يشيب له المداد، لو لم يخلع عليه الناظر حلّة السواد وحبّة الفؤاد، فما ردّ، وجار عن خلقه الكريم فإنه قطّ ما ودّ «٦» وصدّ؛ وأوثر منه ألّا يحكم الفراق علىّ فيشتطّ، ولا يمكن اللوعة من مهجتى فتخبط «٧»
فجد لى بدرّ من بحارك إننى ... من الدمع فى بحر وليس له شطّ