شواهد الأحوال يكون إنكاره وإقراره. وقد كانت عائشة رضى الله عنها فى صغرها تلعب بالبنات بمشهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكره عليها.
وأمّا ما لم يظهر من المحظورات [١] ، فليس للمحتسب أن يبحث عنها ولا أن يهتك الأستار فيها؛
فقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم حدّ الله عليه»
. فإن استتر أقوام لارتكاب محظور يخشى فواته مثل أن يخبره من يثق بصدقه أنّ رجلا خلا برجل ليقتله أو امرأة ليزنى بها، فيجوز له فى مثل هذه الحال أن يتجسّس ويقدم على الكشف والبحث، حذرا من فوات ما لا يستدرك من انتهاك المحارم وارتكاب المحظورات. وهكذا لو عرف ذلك قوم من المتطوّعة جاز لهم الإقدام على الكشف والإنكار. وأمّا ما هو دون هذه الرتبة، فلا يجوز التجسّس عليه ولا كشف الأستار عنه. وإن سمع أصوات ملاه منكرة من دار تظاهر أهلها بأصواتهم، أنكرها خارج الدار ولم يهجم عليها بالدخول.
وأمّا ما تعلّق بالمعاملات المنكرة، كالرّبا والبيوع الفاسدة وما منع الشرع منه مع تراضى المتعاقدين به اذا كان متّفقا على حظره، فعلى والى الحسبة إنكاره والمنع منه والزجر عليه. وامره بالتأديب مختلف بحسب الأحوال وشدّة الحظر.
فأما ما اختلف الفقهاء فى حظره وإباحته، فلا مدخل له فى إنكاره، إلا أن يكون مما يضعف الخلاف فيه وكان ذريعة [الى محظور متّفق عليه- كربا النّقدين:
الخلاف فيه ضعيف، وهو ذريعة الى ربا النّساء المتّفق على تحريمه- فهل يدخل فى إنكاره، أم لا. وكذلك فى عقود الأنكحة ينكر منها ما اتّفق الفقهاء على حظرها،
[١] كذا فى الأحكام السلطانية، وفى الأصل: «وأما ما لم يظهر بالمحظورات» .