عن الدهر فاصفح إنه غير معتب ... وفى غير من قد وارت التّرب فاطمع
والحضرة تعلمنى من لا حقة رجوعها إلى الله بعد الاسترجاع، ومن تسليم خاطر الحزن إلى حكم الله ما يسرّ خاطر الاستطلاع؛ وحسبه- أبقاه الله تعالى- من كل هالك، ولا يجزع المحاسب من فذالك، ومثله من أخذ بعزائم الله فيما هو آخذ وتارك.
جبر الله مصابه، وعظّم ثوابه، وسقى الماضى وروّى ترابه، ولا تذهب النفس حسرة لما شهدت العين ذهابه.
وتخطّفته يد الرّدى فى غيبتى ... هبنى حضرت فكنت ماذا أصنع
ومن إنشاء الشيخ ضياء الدين أحمد بن محمد القرطبىّ ما كتب به الى الصاحب شرف الدين الفائزىّ يعزّيه فى مملوك توفّى له، وكان الصاحب قد جزع لفقده. ابتدأ كتابه بأن قال:
فدى لك من يقصّر عن مداكا ... فلا أحد إذا إلا فداكا
إنا لله وإنا إليه راجعون. لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة، وسنّة فى الأسى مستحسنة؛ وإنما الأنفس ودائع مستودعة، وعوار مسترجعة، ومواهب بيد الفناء مستنزعة.
فالعمر نوم والمنيّة يقظة ... والمرء بينهما خيال سارى
وما برح ذوو العزمات يتلقّون واردات المصائب بصبرهم، وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم. وإنّ يد الله لمليّة بفيض المواهب، وفى الله عوض من كل بائن وخلف من كل ذاهب. وإذا سلم مولانا فى نفسه وولده، فلا بأس إذا تطرّقت يد الردى إلى ملك يده.
فأنت جوهرة الأعناق، ما ملكت ... كفّاك من طارف أو تالد عرض