النصر، وأظهر الدعاء إلى عبادة الحاكم وأنّ الإله حلّ فيه. واجتمع إليه جماعة من غلاة الإسماعيليّة، وتلقّب بهادى المستجيبين. وكان الحاكم إذا ركب إلى تلك الجهة خرج إليه من المسجد وانفرد به وحادثه، وتمادى على ذلك وارتفع شأنه؛ واتّخذ لنفسه خواصّ لقّبهم بألقاب، منهم رجل لقّبه بسفير القدرة وجعله رسولا له، وكان يرسله لأخذ البيعة على الرؤساء على اعتقاده فى الحاكم، فلم يمكنهم مخالفته خوفا على نفوسهم من بطشه «١» .
ثم نبغ شابّ من مولّدى الأتراك اسمه أنوشتكين النجارى «٢» ، ويعرف بالدّرزى، فسلك طريق الزّوزنى وكثرت أتباعه. وكان الحاكم أيضا يقف معه ويخلو به؛ وسمّى نفسه سند الهادى «٣» وحياة المستجيبين. واستمر الأمر على ذلك إلى الثّانى عشر من صفر، سنة إحدى عشرة «٤» وأربعمائة، فاجتمع جماعة من أصحاب حمزة الزّوزنى على خيول وبغال، ودخلوا الجامع العتيق ركبانا وهم يعلنون بمذهبهم، وجاء ثلاثة منهم إلى الموضع الذى يجلس فيه قاضى القضاة، والمتحاكمون جلوس، ينتظرونه، فتكلّموا بكلام أنكره الناس وضجّوا بالتكبير والتهليل والثناء على الله عزّ وجلّ، واجتمع أهل مصر بالجامع من كلّ جهة، ومضى بعض الناس للقاء القاضى فلقوه وعرّفوه ما جرى، فجاء إلى المجلس، فتقدّم إليه أحد الثّلاثة فناوله رقعة من الزوزنى «٥» فى أولها: «بسم الحاكم الله الرّحمن الرّحيم» يأمره فيها بالاعتراف