وفي قصر الحال على ذي الحال:"ما جاء راكبا إلا زيد".
والوجه في جميع ذلك١ أن النفي في الكلام الناقص -أعني الاستثناء المفرغ- يتوجه إلى مقدر هو مستثنى منه عامّ٢ مناسب للمستثنى في جنسه وصفته، أما توجهه إلى مقدر هو مستثنى منه فلكون "إلا" للإخراج واستدعاء الإخراج مُخرَجا منه، وأما عمومه فليتحقق الإخراج منه؛ ولذلك قيل: تأنيث المضمر في "كانت" على قراءة أبي جعفر المدني: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً}[يس: ٢٩] بالرفع، وفي "تُرى" مبنيا للمفعول في قراءة الحسن: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}[الأحقاف: ٢٥] برفع {مَسَاكِنُهُمْ} ، وفي "بقيتْ" في بيت ذي الرمة:
فما بقيت إلا الضلوع الجراشع٣
للنظر إلى ظاهر اللفظ، والأصل التذكير؛ لاقتضاء المقام معنى شيء من الأشياء. وأما مناسبته في جنسه وصفته فظاهرة؛ لأن المراد بجنسه أن يكون في نحو:"ما ضرب زيد إلا عمرا": أحدا٤، وفي نحو قولنا:"وما كسوت زيدا إلا جبة" لباسا، وفي نحو:"ما جاء زيد إلا راكبا" كائنا على حال من الأحوال، وفي نحو: "ما اخترت رفيقا