للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا من مبلغ فتيان فهم ... بما لاقيت عند رحا بطان١

بأني قد لقيت الغول تهوي ... بسهب كالصحيفة صَحْصحان٢

فقلت لها: كلانا نِضْو أرض ... أخو سفر فخلي لي مكاني٣

فشدت شدة نحوي فأهوت ... لها كفي بمصقول يماني

فأضربها بلا دَهَش فخرت ... صريعا لليدين وللجِران٤

إذ قال: "فأضربها" ليصور لقومه الحالة التي تَشَجَّع فيها على ضرب الغول كأنه يُبصِّرهم إياها، ويتطلب منهم مشاهدتها, تعجيبا من جراءته على كل هول وثباته عند كل شدة. ومنه قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: ٥٩] ؛ إذ قال: {كُنْ فَيَكُونُ} دون "كن فكان", وكذا قوله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: ٣١] .


١ فهم: قبيلة تأبط شرا، ورحا بطان: موضع.
٢ قوله: "تهوي" بمعنى تسرع، والسهب: الفلاة، والصحصحان: ما استوى من الأرض.
٣ النضو: المهزول من كل شيء، فِعْل بمعنى مفعول، كأنه نُضي وأُخرج عن لحمه من جدبها.
٤ صريعا: فعيل بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث، والجران في الأصل: مقدم عنق البعير من مذبحه إلى منحره.

<<  <  ج: ص:  >  >>