ولو طار ذو حافر قبلها ... لطارت ولكنه لم يطر وقول أبي العلاء "من الطويل": ولو دامت الدُّولات كانوا كغيرهم ... رعايا ولكن ما لهن دوام وثانيهما عقلي، وهو المعتمد في علم المنطق، والشائع في مقام الاستدلال العقلي، وعليه قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] ؛ لأن الغرض منه الاستدلال بامتناع الفساد على امتناع تعدد الآلهة دون العكس. ١ أي: لامتناع الجزاء لامتناع الشرط؛ لأن "لو" في كلامهم إنما تستعمل في الشرط الذي لا سبب سواه لجزائه، فإذا حصل حصل، وإذا انتفى انتفى. ٢ ذهب المبرد إلى أنها قد تستعمل وضعا في المستقبل، فلا يلتمس لها فيه نكتة، كقول الشاعر "من الطويل": ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا ... ومن دون رَمْسَيْنا من الأرض سَبْسَب لظل صدى صوتي وإن كنت رِمَّة ... لصوت صدى ليلي يَهَش ويطرب ٣ إذ لم يقل: "مما كسبوا" كما قال: "مما كتبت أيديهم"؛ لأن كسبهم يتجدد، بخلاف ما كتبوه. ٤ هذا هو الذي يدخل في معنى البلاغة من استعمال "لو" وغيره استعمال وضعي لا بلاغي. ٥ فيكون المعنى في الآية أن امتناع عنتهم بسبب امتناع استمراره على إطاعتهم. ٦ فلم يقل: "الله مستهزئ بهم" كما قالوا: "نحن مستهزءون"؛ لأن المضارع يفيد استمرار الاستهزاء على سبيل التجدد، وهو أبلغ من الاستمرار والثبوت الذي تفيده الجملة الاسمية.