ومن المتشابه في القرآن قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: ١٠] ، ومنه في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا". ومنه في الشعر قول أبي تمام "من الكامل": ولهت فأظلم كل شيء دونها ... وأضاء منها كل شيء مظلم فالوَله والظلمة والإضاءة ألفاظ ظاهرة المعنى، ولكن البيت بجملته يحتاج فهمه إلى استنباط، ومراده: أنها ولهت فأظلم ما بينه وبينها من جزعه لولهها، وظهر له ما خفي عنه من حبها له. وإني أرى أن الغرابة وحدها لا تخل بفصاحة الكلمة، وقد بينت هذا في كتابي "البلاغة العالية"، وكذلك أرى أن ابتذالها لا يعيبها ما دامت معاني الكلام جيدة، وهو اما اختاره ابن شرف القيرواني، وعليه بعض نقاد الإنجليز الذين يرون أن الابتذال يكون في الفكرة لا في الكلمة. ٢ إنما يُلجَأ عندهم إلى تخريجها على وجه بعيد إذا وقعت من عربي عارف باللغة؛ لأنه لا يصح حمل كلامه على الخطأ، والحق أن العربي قد يخطئ في لغته، وأن الحمل على الخطأ خير من تكلف ذلك التخريج البعيد.