(٢) كذا في الأصل، و «المغني» للموصلي، و «الاعتصام» (٢/١٨ - بتحقيقي) ، ولعلها صوابها: «الأيام» . (٣) (٤/١٦٩٠) ونحوه في «عارضة الأحوذي» (٣/٢٧٥) له، ونقله القرطبي في «تفسيره» (١٦/١٢٨) ، ومثله في «إصلاح المساجد» (١٠٧) للقاسمي، وانظر «الباعث» (١٢٤، ١٣٨، ١٧٤ - بتحقيقي) ، وكتابي «القول المبين» (٤٣٩-٤٤٠) . (٤) هذا صحيح بالجملة، اللهم إلا إذا استثنيت حديث نزول الرب -جل جلاله- فيها، ومغفرته لكل أحد إلا لمشرك أو مشاحن، فقد ورد عن جمع، وبمجموع طرقه ينهض للاحتجاج، كما تراه مفصّلاً في تعليقي على «المجالسة» للدينوري (رقم ٩٤٤) ، وفي رسالتي «حسن البيان فيما ورد في ليلة النصف من شعبان» ، وانظر «السلسلة الصحيحة» (١١٤٤) . وستأتي عند المصنف نقول كثيرة جيدة حول بدعية ما أحدث في ليلة النصف من شعبان، وما أحسن ما قاله علي بن إبراهيم -رحمه الله تعالى-: «وقد جعلها -أي: ليلة النصف من شعبان- أئمة المساجد مع صلاة الرغائب ونحوها شبكة لجمع العوام، طلباً لرئاسة التقدُّم، وملأ بذكرها القصاصُ مجالسهم، وكلٌّ عن الحق بمعزل» . قلت: وصدق هذا العالم في قولته هذه، وله سلف فيها، نقل الطرطوشي في «الحوادث والبدع» (ص ١٣٨ - ط. الطالبي) ، عن الأوزاعي قوله: «بلغني أن من ابتدع بدعة خلاه الشيطان والعبادة، وألقى عليه الخشوع والبكاء، لكي يصطاد به» ، ويحقق ما قاله الواقع، كما نُقل في الأخبار عن الخوارج وغيرهم، قاله الشاطبي في «الاعتصام» (١/٢١٦ - بتحقيقي) .
وقد أكد كلامه جمع من العلماء المحققين، والفضلاء الربانيين، وأسوق لك -أخي القارئ- جملة من كلامهم، لتتسلّح به، وتسوقه عند الجهلة الطغام من العوام، ممن لا زال= =في قلبه ميل إلى تعظيم هذه المواسم، التي تفعل بها البدع والحوادث. قال الإمام أبو شامة المقدسي في كتابه «الباعث» (ص ١٢٤ - بتحقيقي) : «وأما الألفية؛ فصلاة ليلة النِّصف من شعبان، سمِّيت بذلك لأنها يقرأ فيها ألف مرة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} لأنها مئة ركعة في كل ركعة يقرأ الفاتحة مرة و (سورة الإخلاص) عشر مرات. وهي صلاة طويلة مستثقلة، لم يأت فيها خبرٌ ولا أثر إلا ضعيف أو موضوع، وللعوامِّ بها افتتان عظيم، والتزم بسببها كثرة الوقيد في جميع مساجد البلاد التي تصلى فيها، ويستمر ذلك الليل كله، ويجري فيه الفسوق والعصيان، واختلاط الرجال بالنساء، ومن الفتن المختلفة ما شهرتُه تغني عن وصفه، وللمتعبدين من العوام فيها اعتقادٌ متين، وزين لهم الشيطان جعلها من أصل شعائر المسلمين» . وأصلها حكاه الطُّرطُوشي في كتابه «الحوادث والبدع» (ص ١٢١-١٢٢) ، قال: وأخبرني أبو محمد المقدسي، قال: لم يكن عندنا ببيت المقدس قط صلاة الرَّغائب، هذه هي التي تصلى في رجب وشعبان. وأول ما حدثت عندنا في سنة ثمان وأربعين وأربع مئة، قدم علينا في بيت المقدس رجلٌ من نابلس يعرف بابن أبي الحمراء، وكان حسنَ التلاوة، فقام يصلي في المسجد الأقصى، ليلة النصف من شعبان، فأحرم خلفه رجل، ثم انضاف إليهما ثالث ورابع، فما ختمها إلا وهو في جماعة كبيرة، ثم جاء في العام القابل فصلى معه خلقٌ كثير، وشاعت في المسجد وانتشرت الصلاة في المسجد الأقصى وبيوت الناس ومنازلهم، ثم استقرت كأنها سنَّةٌ إلى يومنا هذا، قلت له: فأنا رأيتك تصليها في جماعة، قال: نعم، وأستغفرُ الله منها. قلت: أبو محمد هذا، أظنه عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن إبراهيم المقدسي، روى عنه مكي بن عبد السلام الرميلي الشهيد، ووصفه بالشيخ الثقة، والله أعلم» . ونقله عنه أبو شامة في «الباعث» (١٢٤ - بتحقيقي) ، والشاطبي في «الاعتصام» (١/٢٨٣ - بتحقيقي) ، والسيوطي في «الأمر بالاتباع» (ص ١٧٦-١٧٧ - بتحقيقي) . قال أبو عبيدة: فيا عباد الله! فهل بعد هذا البيان من بيان؟ وها هو إمام عالم ينبئك بأصل وضع هذه الصلاة، التي أصبحت من سمات أهل البدع، فإن ليلة النصف من شعبان لم يكن في ليلها قيام، ولم يثبت في نهارها صيام، وانظر ما سيأتي عند المصنف، والله الموفق.