فمن تأمل هذه الفتوى المصرِّحة باشتمال أكثر الموالد في زمن ابن حجر منذ (٤٠٠) سنة على الشرور، وأنها ممنوعة ما دامت لا تخلو من الشرور، عملاً بقاعدة (درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح)(١) يعلم عدم صحة دعوى خزيران؛ بأنَّ الموالد في بلادنا هي من القسم الخالي من الشّرور، ليُثبتَ إباحتها على كل حال، وهل يخلو مولد من رؤية النساء للرجال الأجانب في زماننا؟ وذلك زيادة عن الخروج في قراءة الموالد عن الأدب المشروع، مِمّا أشرنا إليه مِن تصرُّفات القُرَّاء والمنشدين، وزِدْ على هذا: ما تشتملُ عليه من البِدَع، التي شوّهت حقيقة الدين الإسلامي، وفسحت مجالاً للذين يكيدون له سوءاً، فالأمر لله العلي الكبير، ويؤيِّدُ ما قلناه -أيضاً- بخصوص المنشدين: نصُّ الفتوى الثانية التي نقلها -أيضاً- عن ابن حجر جواباً عن سؤال رفع إليه، وهو:
(١) انظر حول هذه القاعدة: «إيضاح المسالك» للونشريسي (القاعدة الرابعة والثلاثون) ، «الاعتصام» (٢/٢٢٢ - بتحقيقي) ، «الأشباه والنظائر» (ص ٨٧، ١٠٥) للسيوطي و (ص ٩٠) لابن نجيم، «شرح القواعد الفقهية» (ص ١٥١ رقم ٣٩) للزرقاء، «مجلة الأحكام العدلية» (المادة ٣٠) ، «المدخل الفقهي» (رقم ٥٩٤) ، «الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية» (ص ٢٠٨) ، «قواعد الخادمي» (ص ٣١٩) .