للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسطه، وهو يقول: أغث أبا حسان الزياديّ، فأنتبه، ولا أعرفك، وأنسيت السؤال عنك، فلما كان الساعة، أتاني، فقال: أغث أبا حسان الزياديّ، فما تجاسرت على النوم، وأنا ساهر من ذلك الوقت، وقد بثثت الناس في جانبي البلد، أطلبك، فما قصّتك؟

قال: فصدقته عن الخبر، حتى لم أكتمه منه حرفا.

وقلت: أنا رجل كنت أتقلّد للرشيد من أبي يوسف القضاء بناحية، فلما مات، صرفت، وانقطعت أرزاقي، ولزمتني العطلة والإضاقة، فكان من خبري مع رجل خراسانيّ كيت وكيت.

فبكيت، وبكى وقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، هاتوا خمسة آلاف درهم، فجاءوا بها.

فقال: خذ هذه فارددها مكان ما تصرّفت به.

ثم قال: هاتم عشرة آلاف درهم، فجاءوا بها، [فقال: خذ هذه فأصلح بها أمرك. وتوسّع بها في نفسك.

ثم قال: هاتم ثلاثين ألفا، فجاءوا بها] «١» ، فقال: خذ هذه، فأصلح بها أمر بناتك، وزوّجهن، وإذا كان يوم الموكب، فصر إلينا بسواد «٢» لنقلّدك عملا، ونرزقك رزقا.

فحمدت الله، وشكرته، وصليت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعوت لأمير المؤمنين، وانصرفت والمال معي، وصرت إلى منزلي، وما طلعت الشمس، وأهل المسجد يتوقّعون خروجي للصلاة، وقد أنكروا تأخّري عنهم، فنزلت، فصلّيت بهم، وسلّمت، وإذا بالخراسانيّ، فأدخلته منزلي، وأخرجت إليه بقيّة ماله، فرأى ختمه غير صحيح.