للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّثنِيةِ وجمعِ السَّلامَةِ عِوَضٌ عن التَّنوينِ في المَعنَيَينِ، وهو كَبْسُ الفُرجَةِ المُتَوَهَّمةِ دونَ المَعنى الثَّاني وهو الدّلالةُ على التَّنكيرِ.

أمَّا بيانُ أنَّه ليس عِوَضًا من التَّنوين [في الدِّلالةِ على التَّنكير] (١) فلأنَّ المُثَنَّى والمَجموعَ بمنزلةِ مَوصوفٍ وَصِفَةٍ [وهما في كلامٍ. أمَّا أنَّهما بمنزلةِ مَوصوفٍ وصفة] (٢) فظاهرٌ لأنَّ قولَكَ: مُسلمان بِمَنزلَةِ أن تَقول: مُسلِمٌ مَعَهُ مُسلِمٌ، ولا شُبهةَ في أنَّ ذلِكَ موصوفٌ وصِفَتُهُ، ويشهَدُ له أنَّ قولَهم (٣): (؟) وكذلك لو قلتَ ومرَّ بعبدِ اللَّه مروان، وسيرَ بعبدِ اللَّه سيرٌ شديدٌ لكانَ مفيدًا، إنما جوّزوا الرَّفعَ على بُعدٍ إذا قُلتَ: سِيرَ بعبدِ اللَّه سَيرٌ لأنَّه لَيس في قولِكَ: سِيرَ من الفائِدَةِ إلّا ما في قولِكَ سَيْرٌ، فقد أجروا المُثنى في هذا الكَلامِ مُجرى مَوصوفٍ وصِفَةٍ، أمَّا أنَّها بِمَنزِلَةِ مَوصوفٍ وصِفَةٍ في كلامٍ فلأنَّ الألف والنُّونَ في المُثَنَّى غيرُ منفَصِلين حُكمًا عن الاسمِ الَّذي لَحِقا به حَسب انفصالِ الصَّفةِ عن المَوصوفِ، ومَتى ثَبَتَ أنَّ كلَّ واحدٍ مِنَ المُثَنَّى والمجموع بمنزلةِ مَوصوفٍ وصِفَةٍ هما في كَلامٍ استحالَ أن تكونَ النُّون فيهما عِوَضًا عن التَّنوين في الدِّلالةِ على التَّنكيرِ فيما قدّمناه في التَّقرير، وأمَّا أنَّه عِوَضٌ عن التَّنوين في مَعنى الكَبسِ فلأنَّه طَريقٌ صالِحٌ للكبسِ، فُقِدَ (٤) ورُدّ الواضِعُ به فَغَلَب على الظَّنِّ أنَّه وَرَدَ بِهِ لهذا المَعنى، فعُلِمَ أنَّ التَّنوينَ في التَّثنية والجَمعِ عوضٌ عن التَّنوين في أحدِ المَعنَيينِ، وهو كَبسُ الفُرجةِ المُتَوَهَّمةِ دون المعنى الثَّاني ومن ثَمّ جازَ اجتماعُ النُّون باللَّامِ المُعَرِّفةِ لأنَّه للكبسِ دونَ التَّنكير، واجتماع التَّنوين باللَّامِ المُعرّفَةِ لم يَجُز لأنَّ التَّنوينَ كما هُو للكَبسِ فهو أيضًا (٥) للتَّنكير وإنَّما لمَ يَجُز اجتماعُ النُّون بالإِضافةِ لأنَّها كما


(١) في (ب).
(٢) في (أ).
(٣) لم يذكر هذا القول في النّسختين.
(٤) في (ب) وقد.
(٥) في (أ) فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>