للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه لا يُبنى إلَّا إذا أَردتَ به أَمسَ يومِكَ كما في قولهم: (أَمسِ الدَّابرِ) فإن سَألتَ: فهذا يَنْتَقِضُ بقولِكَ غَدًا من (١) قولِكَ: أفعلُه غَدًا فإنَّه مُتَضَمَّنٌ لِمعنى اللَّام وهو مُعَرَّبٌ وأما أنه متضمن لمعنى اللام فلأن المراد به غد يومك وأما أنه معرب فظاهِرٌ، أَجبتُ: ما الدَّليلُ على أنَّ غَدًا مُتَضَمِّنٌ لِمعنى اللَّام (٢)؟ وعلى أنَّه مُنْصَرِفٌ إلى غَدِ يَومك (٢) لَكنْ لأنَّه ما قَصَدَ ذلك ابتداءً، بل لأنَّه أقربُ إلى الذِّكرِ وَأَخْطَرُ في (٣) البالِ. فإن سَأَلتَ: فَقولُهُم: أَمسِ الدَّابِرِ كذلك؟ أَجبتُ: ما الدّليلُ على ذلكَ؟، وهذا لأنَّ أمس المكسورَ مما لا تَدخلُ عليه اللَّامُ المعرِّفَةُ، فلولا أنَّه مُتَضَمِّنٌ لمعنى اللَّامِ لَدَخَلَ بِخلافِ غَدًا فإنَّه تَدخُلُ عليه اللَّامُ، ولذلك يُوصَفُ بالمعرِفَةِ بدَلِيَلِ أمسِ الدَّابِرِ بخلافِ غدًا، وبُنِي على الحَرَكَةِ فِرارًا من التقاءِ السَّاكنين، وعلى الكَسرِ لئلَّا يُتَوَهَّم أنَّه غَيرُ مُنْصَرِفٍ كما هو مَذهبُ قَومٍ من بَني تَميمٍ، حَيْثُ يَمْنَعُونها الصَّرفَ. المُبهمات شَيئان أسماءُ الإِشارةِ والمَوصولات، وكِلَا الصِّنفين يُبنى (٤) لجريِهِ مَجرى اللَّامِ المُعَرِّفَةِ وبُنِيَ على السُّكونِ لأنَّ الأصلَ في البِناءِ هو (٥) السُّكونُ.

قاكَ جارُ اللَّه: "أو وُقُوعِهِ موقِعَه كَنَزالِ، أَو مُشَاكَلَتِهِ للواقِعِ مَوْقِعَه كفَجَارِ وَفَسَاقِ".

قالَ المُشَرِّحُ: نَزَالِ إنَّما بُني لِجَريِهِ مَجْرى انزِل، وهو من قَبِيلِ القِسمِ الأوَّلِ، من الأقسام الثَّلاثةِ، وعلى الحَرَكَةِ ذَهابًا [عن التقاءِ السَّاكنين] (٦)، وعلى الكَسْرِ ليُعلَمَ في أوَّلِ الأمرِ أنَّه ليسَ من قبيلِ ما لا


(١) في (أ) في قولك.
(٢) في (ب) وعبارة (أ) هكذا: غاية ما في الأمر أنه ينصرف إلى غد يومك، لا لأنه قصد ذلك ..
(٣) في (أ) بالبال.
(٤) في (ب) مبنيّ.
(٥) في (ب).
(٦) في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>