للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ}، وبَدَلُ الاشتمالِ وهو على صِنْفَين: أحدُهما: بَدَلُ البَعْضِ من الكُلِّ كقولِكَ: رأيتُ قومَكَ أكثَرَهم الثانِي: - أن لا يكونَ بَدَلَ البَعضِ من الكُلِّ لكنَّه شيءٌ يَلْتَبِسُ به كَقولكَ: أَعجَبَني عَمرٌو حُسْنُهُ، وهذا النَّوعُ من بَدَلِ الاشتمالِ قَريبٌ من التَّمييز على (١) الجُمْلَةِ، تَقولُ: طابَ زَيدٌ قَلْبُه كما تقولُ: طابَ زيدٌ قَلبًا، وَأَعْجَبَني كَرَمُه كما تَقُولُ: أَعجَبَنِي عَمرو كَرمًا.

فإن سألتَ: أَجمعَ (٢) النَّحويون على أنَّ البَدَلَ أربعةُ أَقسامٍ، كلُّ واحدٍ منها قِسمٌ، وأنت (٣) جَعَلتَهُ على ثلاثةٍ، أحدُها قسمان، فما وجهُ التَّفاضِلُ بين القَولين؟ أجَبتُ: بأنَّهم جَعَلوا صِنْفَيِ النَّوعِ نَوْعَينِ، وهذا سَهوٌ، كما قُلتَ: الحَيوان ثورٌ وفَرَسٌ وَعَرَبِيُّ (٤) وعَجَميُّ.

قالَ جارُ اللهِ: "فَصلَ، وهو الذي يُعْتَمَدُ بالحَدِيثِ، وإنَّما نَذْكُرُ الأوَّلِ لِنَحوٍ من التَّوطِئَةِ ليُفادَ بِمَجْمُوعِهَا فَضلُ تَأكيدٍ وَتَبيينٍ لا يكونُ في


= النّص مع تصرف ظاهر. ثم عقّب عليه بقوله: أقول: الصحيح ما ذهب إليه الجماعة من أنّ الأقسام أربعة، لأنّ كل واحد منها يمتاز عن الآخر بخواص لا توجد في الآخر. وإذا كان كذلك وجب أن يوضع لكل واحد منها اسم على حدة، ولو صحّ ما قاله لجاز أن يقال هذا في التّوابع بأسرها فإن كل واحد منها ما امتاز بفضل ذاتي، بل بأمر عرضي، وهي الأمور التي أشرنا إليها قبل فيكون الكل أصنافًا للتابع، لا أنواعًا له وهو قد سلّم أنها أنواع فإنه قد سلم أنّ البدل على ثلاثة أنواع، … ثم قال: وسنبّين أن يدل الاشتمال ليس هو بدل البعض، وبالعكس ونذكر ما بينهما من الفروق ما يوجب أن يكون كل واحد منهما نوعًا برأسه .. ولما شرع الأندلسي، في شرحه بعد رده على الخوارزمي قال: الأول بدل الكل من الكل، وهو الذي سمّاه هذا الشارح [الخوارزمي] بدل المثل من المثل، وكأنّه تحاشى أنّ يقول: الكل والبعض، كراهية لإدخال اللام على كل وبعض، والزجاجي قد اعتذر عن إدخال اللّام عليها فقال: وإنّما قلنا: البعض والكل مجازًا، وعلى استعمال الجماعة مسامحة … انظر تفصيل ذلك في الورقتين: ٩، ١٠.
(١) في (أ) عن.
(٢) في (أ).
(٣) في (ب) وأنت على أنّه ثلاثة.
(٤) في (أ) وأعرابي وأعجمي، وما في (ب) يوافقه نصّ المحصّل.

<<  <  ج: ص:  >  >>