للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهما ظاهرٌ، وذلكَ أنَّ النَّافيةَ الغالِبُ عَلَيها هُجُومُ الاستثناء على خَبَرها قالَ اللهُ تَعالى (١): {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ} (٢) {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} (٣) فلا غَنَاءَ للشَّبهِ.

قالَ جارُ اللهِ: "فإذا انتَقَضَ النَّفيُ بإلَّا أو تَقَدَّمَ الخَبَرُ بَطَلَ العَمَلُ، فقيلَ: ما زيدٌ إلَّا مُنطَلِقٌ، ولا رَجُلٌ إلَّا أفضَلُ مِنكَ وما منطَلِقٌ زَيدٌ ولا أَفضلٌ منك رَجُلٌ".

قالَ المشَرِّحُ: أمَّا الانتقاضُ فلأنَّ الخَبَرَ قد خَرَجَ عن خَبَر المَنفِيِّ، وهذا كالمُستَضعَف من الوُلاةِ، إذا خَرَجَ عن ولايَتِهِ أمرٌ فقدْ قَصَّرَ عن إنفاذِ التَّصرُّفِ فيهِ باعَه.

وأمَّا التَّقديمُ، فلأنَّ القِياسَ في هذا (٤) الباب أن يكونَ الخَبَرُ كالاسمِ مَرفوعًا لأنَّها في الأصلِ مُبتدأٌ وخَبَرٌ، وإنما يَنتَصبُ الخَبَرُ تَشبيهًا لَه بخبَر لَيس ولا تَشبيه إلّا إذا ظَهَرَ بينهما الشَّبَهُ، وفي حالِ تَقديمِ الخَبَر ها هنا لما يَظهَر شَبهُ الخَبرِ بخبر ليس لأنَّ ظُهُورَ الشَّبهِ فيه لا يكونُ إلَّا عندَ تمامِ الكَلَامِ، فيتوقَّفُ النَّصبُ على تمامِ الكَلامِ، وإعرابُ الخَبَرِ لا يَتَوَقَفُ فبَقي على ما كانَ.

وزانُ هذه المسألةِ إنَّ زيدًا مُنطَلِقٌ وعَمرٌو، ولو قُلتَ إنَّ زيدًا وعمرٌو مُنطَلِقٌ لم يَجُز، فإن سَألتَ: فَمَا تَقولُ في قَولِ الفَرزدَق (٥):


(١) سورة الأنعام: آية: ٥٧.
(٢) سورة الأعراف: آية: ١٥٥.
(٣) سورة النجم: آية: ٢٣، ٢٨.
(٤) في (ب) أن يكون الخبر في هذا الباب كالاسم.
(٥) صدره:
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>