للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى إن كان عَمَلُه خَيرًا كان جَزاؤُه، خَيرًا، وإن وَقَعَ منه خَيرٌ فجزاؤُه خَيرٌ.

تخمير: أَحسَنُ الوجوهِ في هذه المَسألةِ كما ذكرنا نَصبُ الأوّلِ ورَفعُ الثاني، وتَقدِيرهُ على ما ذكره (١) في المَتنِ إن كان عملُه خَيرًا فجزاؤُه خيرٌ، وإنّما أَضمَرنا "كان" لكثرةِ وُرُودِها في الكَلامِ. فإن سألتَ: لمَ (٢) لا تُضمِر كان التّامة حَتّى يرتفعَ الاسمُ؟ أجبتُ: لأنَّ كان التي هي عبارةٌ عن الجُمل أدورُ في الكلامِ من كانَ التَّامة، فيكونُ إضمارُها أولى، وإنّما أَضمرنا المبتدأ في جانبِ الجَزاءِ (٣)، ولم نُضمر فيه الفِعلَ، لأنَّ الفاءَ التي تَقَعُ جَوابًا إنّما تَدخُلُ للابتداءِ وهذا لأنَّ الجَزَاءَ متى كانَ فِعلًا لم يَحتَج إلى الفاءِ، ثُمَّ رَفعُهُما مَعًا، وتقديرُه إن كان منه خَيرٌ فجزاؤُه خَيرٌ، و"كان" ها هنا إمَّا التّامةُ، وإمَّا النّاقِصَةُ، وإنَّما كان هذا الوَجهُ دونَ الوَجهِ الأوَّلِ في الحُسنِ، لأنَّ آخرَ الكَلَامِ ليس على سَنَنِ أوَّلِهِ، ثم نَصبُهُما مَعًا، وتقديرُه إن كان عَمَلُه خَيرًا فهو يُجزَى خيرًا، وإنما كانَ هذا الوَجهُ دونَ الوَجهِ الثَّاني لكثرةِ الإِضمارِ فيه، وهو إضمارُ المبتدأ والفِعلِ المَبنِىّ للمَفعولِ، وفاعِلِه. ثُمَّ رَفعُ الأوَّلِ ونصبُ الثّاني، وتقديرُه إن حَصَلَ (٤) منهم خَيرًا كان جزاؤُه خَيرًا وإنما كان هذا الوَجهُ أَضعَفَ الوُجُوهِ، لأنَّه عكسُ الوَجهِ المُختَارِ، ومُخالفةُ الأصلِ فيه في الظَّرفِ. فاعرفه بَحثًا يَشهدُ له الذَّوقُ بالصّحةِ.

قالَ جارُ الله: والرّفعُ أَحسنُ في الآخرِ.

قالَ المُشرِّحُ: لأنَّ الآخرَ هو الجزاءُ المقصودُ بهذا الكَلامِ فَيكُونُ أَداؤُه بِأَقوى الجُملَتَين وهي الإِسميَّةُ أولى.


(١) في (أ) ذكر.
(٢) في (ب) فلم.
(٣) في (ب) الخبر.
(٤) في (ب) وقع.

<<  <  ج: ص:  >  >>