للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ الله: "وسَمِعَ أبو الخطّاب (١) بعضَ العَرَبِ وقيل له: لم أفسدتُم مكانَكُم؟! فقال: الصّبيانَ بأبي، أي لُمِ الصِّبيَان" (٢).

قالَ المشرّحُ: المعنى لا تَلمني ولُمِ الصِّبيان، لأنَّهم بالوا فيه وتغوَّطوا، وعلى هذا الأُسلوبِ بيتُ أبي الطّيّبِ (٣):

لُمِ اللّيالي الّتي أَخنت على جِدتي … بِرِقَّةِ الحالِ واعذُرني ولا تَلُم

قالَ جارُ الله: وقيلَ لبعضِهِم: أما بمكانِ كذا وَجَذٌ؟ فقال: بَلى وِجَاذًا، أي أعرِفُ به وِجَاذًا (٤).

قالَ المشرّحُ: الوَجَذُ: بالجيم (٥) والذال المعجمة نُقرةٌ في الجَبلِ يجتمعُ فيها الماءُ، والوجهُ (٦) عندي أن يقالَ: بلى إنَّ بها وجاذًا. ليطابِقُ السُّؤالُ الجوابَ.


(١) هو المسمى بـ (الأخفش الأكبر) أحد شيوخ سيبويه، اسمه عبد الحميد بن عبد المجيد. أخذ عن يونس. قال القفطي: وله ألفاظ لغوية انفرد بنقلها عن العرب. ترجمته في بغية الوعاة: ٢/ ٤٧، وإنباه الرواة: ٢/ ١٥٧، ونزهة الألباء: ٥٣.
(٢) النّص من كتاب سيبويه: ١/ ١٢٩، وانظر السّيرافي: ٢/ ٥٨.
(٣) شرح ديوان المتنبي للعكبري: ٤/ ٣٩. من قصيدة قالها في صباه مطلعها:
ضيف ألمّ برأسي غير محتشم … السّيف أحسن فعلًا منه باللّمم
(٤) هذا النّص في الكتاب: ١/ ١٢٧، وشرحه للسّيرافي: ٢/ ٥٨.
(٥) الصحاح: (وجذ).
(٦) نقل الأندلسي في شرحه: ١/ ١٨١ هذا النّص ولم يعقب عليه. ونقله العلوي في شرحه: ١/ ٩٥ وعقب عليه بقوله: وهذا فاسد لأمرين:
أمّا أولًا: فلأنّ هذا إضمار من غير دليل، فيكون مردودًا، ونحن إنما نضمر الفعل لدليل دل عليه، وقرينة اتصلت به، إما حالية، وإمّا مقاليّة.
وأمّا ثانيًا: فلأن إعمال إنّ وهي مضمرة ليس مذهبًا لأحد من جماهير النّحاة، ولا قال به أحد من محققيهم، ولا قام عليه برهان، أو صحّ من لغة العرب، فيجب القضاء ببطلانه، والتعويل بنصب وجادا على إضمار فعل، كما في نظائره من هذا الباب …

<<  <  ج: ص:  >  >>