للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا لقامَ بِنَصري معشرُ خَشن … عندَ الحفيظةِ إن ذو لُوثةَ لَانا

يقالُ: فيهم (١) لين، لأنَّ كلَّ ليِّنٍ مُستَرخٍ، فإِن سألتَ: أُسلوب هذا الكلامِ غريبٌ، أَلَّا تَرى أنَّه يُقالُ فلانٌ سَخِيٌّ إذا بَخِلَ السَّخِيُّ، وأمَّا فُلانَ سَخِيٌّ إذا بَخِلَ البَخِيلُ فشيءٌ لم يقرع أسماعَنَا؟ أجبتُ: كلا الطريقين عربيّةٌ محمودةٌ، أما الطَّريقُ الأولى فَعَلَى معنى المُبالغة، وأمَّا الثانيةُ فعلى معنى التَّعويض. وعن بَعضِ أصحابِ الشَّيخِ أنَّ سماعَهُ من الشيخِ (لَوثة) بالفَتح وهو القُوَّةُ، وحينئذٍ تَبْدُو السمَاءُ نقيَّةً لا لبسةَ ولا شُبهة. حُكي أنَّ حاتِمَ الطَّائِيَّ أُسِرَ في بلادِ بني عَنَزَةَ. فغابَ عنها الرِّجالُ، وبقيَ فيما بينَ نسائِهم حاتمٌ مقيدًا مغلولًا، ثم اتفقَ لهُنّ الارتحالُ فارتَحَلن بحاتِمٍ فلما بَلَغْنَ بعضَ الطَّرِيقِ مَسَّهُنَّ الجُوعُ، وكانَ من عادةِ الجَاهِلِيَّةِ أكَلُ الفَصِيدِ في المَخْمَصَةِ فقالَ: أُفككنَ عَنّي الغُلَّ لأُقَرِّدَ لَكُنَّ فَفَكَكنَ عنه فَنَزَلَ عن الناقةِ فَنَحَرَها (٢) فقيلَ له في ذلك فقالَ: هَكذا قَردي إنَّهْ فَلَطَمتهُ جاريةٌ بما فَعَلَ فقالَ: لو ذاتُ سِوارٍ لَطَمتنِي، يقول: لو حُرَّةٌ لَطَمَتني، والمعنى لو لَطَمَتنِي من كانت من الشرفِ لي كفوًا لها على ذلك.

قالَ جارُ الله: "وقوله تَعَالَى (٣): {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} على ولو ثَبَتَ، ومنه المَثَلُ (*) "إلا حَظِيَّةٌ فلا أَلِيَّةٌ" أي أن لم تَكن لك في النّساء حَظِيَّةٌ فإني غيرُ ألِيَّةٍ.

قال المشرِّحُ: قوله: على وَلَو ثَبَتَ: معناهُ على مَعنى ولو ثَبَتَ أنَّهم صَبَرُوا، فإنَّهم صَبَرُوا في محلِّ الرَّفعِ، فإنَّه فاعلُ ثَبَتَ. الحَظِيَّةُ إمَّا فَعيلَةٌ


= التحقيق بأسره وانطوى عليه بحذافيره فلهذا نبهنا على غلطه، وهو محتمل لأكثر مما أوردنا لكن فيما ذكرنا مقنع وكفاية.
(١) في (أ) هم خشن.
(٢) في (ب) ونحرها.
(٣) سورة الحجرات: آية ٥.
(*) المثل في جمهرة الأمثال: ١/ ٦٧، والمستقصى: ١/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>