للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ضربتَ، والمستكنُّ هو المنويٌّ في زيدٍ ضربَ، فزيدٌ ليسَ فاعلَ ضَرَبَ إنَّما الفاعلُ ذلك الضميرُ المستكنُّ الراجعُ إلى زيدٍ، بدليلِ أنَّ "عن" المقدَّرةَ تَدخُل على ذلك الضميرِ لا على زيدٍ، تقولُ: الرجلان ضَرَبَا، والرجالُ ضَرَبوا، والمرأتانِ ضَرَبَتَا، والنساءُ ضربنَ، وأنتَ ضربتَ، وأنا ضربتُ ولم يُصنَع للغائِب الواحدِ نحو ذلك الضمير. فإن [سألتَ: لِمَ لَم] (١) يصنع للغائِب الواحدِ مثلُ ذلك الضمير؟ أجبتُ: الفرقُ بين الموضعين مبنيٌّ على مقدمتين إحداهُما: - أنَّ الضمائرَ مظنةُ الاحتياطِ، واجبٌ صونُها عن الاختلاطِ، لأنَّها بمنزلةِ الإِشاراتِ والتلويحاتِ ولذلك صاغوا للمرفوعِ ضميرًا، وللمنصوبِ ضَميرًا. فإن سألتَ: لو كان المضمرُ مما يُحتاطُ له لما وَقَعَ التّسوية في الضميرِ المثنى بين لفظي المذكرِ والمؤنثِ؟ أجبتُ: قبل أن أشرعَ في التَّقصّي عنه أُلقي عليك أشياءَ أحدُها: أنّ الضّميرَ في الأصلِ هو الهاءُ وما تلحقه من اللواحقِ علاماتٌ دالةٌ على شيءٍ وراءَ الضميرِ، تقولُ: هو زيدٌ فتكونُ الهاءُ للإِشارةِ، والواوُ دليلٌ على أنَّ المشارَ إليه فردٌ مذكرٌ، وهي هندٌ فتكون الهاءُ للإِشارةِ والياءُ دليلٌ على أنَّ المشارَ إليه فردٌ مؤنثٌ.

وثانيهما: أنَّ هذا اللاحِقَ علامةٌ لا علامتان كالواوِ والياءِ.

وثالثهما: أنَّ المذكرَ والمؤنَثَ مما يستوي فيه علامةُ التثنية، تقولُ: رجلان، وحائِضان، وطالِقان، إذا ثَبَتَ هذا فوجة انسكابِهِ بك إِلى الغَرَضِ أنَّه لو دَخَلَت علامةُ التأنيث تثنية المضمر لا يخلو من أن تكونَ العلامةُ مستبدةً في الدلالةِ، أو مندرجةً تحتَ شيءٍ آخر، لا وجهَ إلى أن تكونَ مستبدةً، لأنَّها لو استبدّت (٢) لكان اللاحق حينئذ علامتين لا علامةً، وقد ذكرنا أنّ اللاحقَ علامةٌ، لا وجهَ إلى أن تندرجَ تحتَ شيءٍ آخرَ، لأنَّ المندرجَ تحتَه


(١) ساقط من (أ).
(٢) في (ب) لو كانت مستبدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>